أبرزت امباركة بوعيدة، رئيسة مجلس جهة كلميم وادنون، أهمية الاتفاقية شراكة الموقعة بين المجلس ووزارة الصناعة والتجارة لإحداث ثلاث مناطق جديدة خاصة بالأنشطة الاقتصادية بمختلف أقاليم الجهة (كلميم، أسا الزاك، سيدي إفني، طانطان)، وهي الاتفاقية التي صادق عليها مجلس الجهة خلال دورته العادية الأخيرة لشهر يوليوز 2024.
في هذا الإطار، أكدت بوعيدة في حوار مع وكالة المغرب العربي للأنباء، أن من الأهداف الرئيسية التي يتعين على المجالس الجهوية أن تشتغل عليها هو الجاذبية الاقتصادية للجهات لأن من بين الاختصاصات الذاتية لهذه المجالس هو خلق مناطق للأنشطة الاقتصادية التي تعتبر بينية تحية مهمة لجذب الاستثمار داخل المجال الترابي وإحداث فرص الشغل، ومن هنا ينطلق اهتمام جهة كلميم وادنون وتطلعها إلى مواكبة الدينامية الاقتصادية التي تعرفها المملكة.
ولهذه الغاية، تضيف بوعيدة وقع مجلس الجهة اتفاقية إطار مع وزارة الصناعة والتجارة، بقيمة 300 مليون درهم من أجل تمويل إحداث وتطوير مناطق للأنشطة الاقتصادية بجميع أقاليم الجهة، ويتعلق الأمر بكلميم ب 100 هكتار بما فيها اقتناء وإعادة هيكلة منطقة الأنشطة الاقتصادية المسماة “كاكتوبول” (Cactopole) بجماعة أسرير والتي كانت تتواجد على مساحة 25 هكتار في إطار المخطط المعماري للإقليم وانطلقت بها أشغال التهيئة آنذاك لكنها توقفت مما حدا بالجهة إلى اقتناء هذا الوعاء العقاري ليصل إلى 100 هكتار حاليا، وتخصيص 80 هكتارا بإقليم سيدي إفني، و45 هكتارا بالنسبة لإقليم آسا الزاك.
كما يتعلق الأمر، وفق بوعيدة، باستكمال إنجاز منطقة النشاط الاقتصادي للوطية بإقليم طانطان الممتدة على مساحة 65 هكتارا حيث تم تحديد الوعاء العقار المخصص لها والشروع في تهيئتها بشراكة مع الغرفة الفرنسية للتجارة والصناعة بالمغرب التي فتحت مندوبية جهوية لها بكلميم في فبراير 2024.
وأشارت إلى أن الهدف من كل ذلك هو توطين مناطق الأنشطة الاقتصادية بكافة أقاليم الجهة في إطار العدالة المجالية إذ سيتم تحديد الوعاء العقاري لعدد من هذه المناطق الصناعية، ولأجل ذلك فإن مجلس الجهة بصدد إعداد اتفاقيات خصوصية سيتم عرضها على أنظار المجلس للمصادقة عليها قصد العمل على تهيئة هذه المناطق لاستقطاب الاستثمارات.
وأبرزت أن المدخل الأساس لعمل مجلس جهة كلميم وادنون هو الاشتغال على تقوية العرض الاقتصادي داخل الجهة لأن استقطاب أي مستثمر يستوجب توفير عرض مجالي جاذب يتمثل في البنية التحتية وهو ما تتوفر عليه الجهة، فهناك مطارات وموانئ والطريق السريع تزنيت-الداخلة، وأيضا شبكة طرقية مهمة تربط ما بين جميع أقاليم الجهة، بالإضافة إلى أن هناك اتفاقيات شراكة مهمة تجمع الجهة بوزارة التجهيز والماء بقيمة 2.2 مليار درهم والتي ستمكن من استكمال الخريطة الطرقية داخل الجهة، وهذا كله يندرج في إطار تقوية البنية التحتية وبالتالية تقوية الجاذبية، لأن الغاية من استقطاب أي مشروع صناعي هو خلق فرص شغل وقيمة مضافة اقتصادية وأيضا رفع الناتج الداخلي الخام وبالتالي تقليص معدل البطالة بالجهة.
وأضافت أن جهة كلميم وادنون تخطو خطوات نحو خلق دينامية اقتصادية ولتصبح من الأقطاب الاقتصادية المهمة، مشيرة إلى أن “صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، حدد توجها كبيرا للمغرب منذ سنوات، فالجهوية المتقدمة التي أرادها جلالة الملك هي أكثر من مجلس منتخب، إنها رؤية استراتيجية واستباقية أساسها الاشتغال على ملفات وقضايا ذات مدى متوسط إلى بعيد”.
وبالتالي، تضيف بوعيدة، فإن رؤية جهة كلميم وادنون هي واضحة وتنزيلها على أرض الواقع واضح أيضا من خلال شراكات قوية حيث تجاوزت نسبة التعاقد 80 بالمائة عبر ضمان التمويل لأن مجلس الجهة يتوفر على إمكانيات تمويل داخلية وخارجية مما يمكن من تسريع وتيرة الاشتغال والإنجاز، ولذلك فإن الجهة تخطو، اليوم، خطوات إلى الامام من أجل الوصول إلى الهدف الأسمى وهو خلق دينامية اقتصادية وأن تكون من الأقطاب الاقتصادية المهمة التي تفتخر بها المملكة.
وأوضحت أن كل هذه المشاريع تندرج ضمن برنامج التنمية الجهوية 2022-2027، وهو برنامج مرجعي جد مهم تمت المصادقة عليه في يوليوز 2023 ويعطي رؤية استراتيجية للسنوات الخمس المقبلة، إذ يتضمن غلافا ماليا يتجاوز 11.6 مليار درهم، وأكثر من 96 مشروعا موزعة إلى عدة محاور منها قطاعات بنيوية كشبكة الطرق وأيضا تأهيل المدن عبر البرنامج الاستعجالي لإعادة التأهيل الحضري للأقاليم التابعة للجهة (2024-2027) الذي سبق لمجلس الجهة أن صادق في دورته الأخيرة على اتفاقية شراكة إطار لتمويل وإنجاز مشاريع هذا البرنامج بغلاف مالي يقدر ب 1.2 مليار درهم.
ومن بين محاور هذا البرنامج أيضا، تضيف رئيسة مجلس الجهة، تقوية قطاعات اجتماعية كبرى لها أثر على الجاذبية الاقتصادية كالصحة والتعليم والثقافة، بالإضافة إلى مناطق الأنشطة الاقتصادية وتعزيز الخطوط الجوية ودعم الاقتصاد الاجتماعي، إلى جانب محور الطاقات المتجددة لاسيما الهيدروجين الأخضر بالنظر إلى ما تتوفر عليه الجهة من مؤهلات كبرى طبيعية وبشرية وجغرافية تفتح لها مستقبلا واعدا في هذا المجال، ولذلك فالجهة منخرطة في الاستراتيجية الدولية والوطنية لخفض انبعاثات الكاربون إلى الصفر في أفق 2035، حيث قام مجلس الجهة بعمل استباقي للاشتغال على هذا الهدف النبيل.
وبخصوص نوعية الأنشطة الاقتصادية التي ستحتضنها هذه المناطق الصناعية، أكدت بوعيدة أنه بالموازاة مع المرحلة الأولى المتعلقة بتوطين مناطق الأنشطة الاقتصادية بمختلف أقاليم الجهة، يتعين أن تكون هناك دراسة لنوعية الأنشطة التي ستحتضنها هذه المناطق الصناعية، إذ هناك توجه يقوم على إعطاء الأولوية للاقتصاد المحلي من خلال قطاعين هما الصيد البحري والفلاحة عبر اعتماد الصناعة التحويلية في هذين القطاعين، وأيضا الطاقات المتجددة عبر صناعة الآليات المرتبطة بهذا المجال، مع التفكير في خلق منصة صناعية مصغرة متخصصة في الهيدروجين الأخضر عبر استقطاب مشاريع واعدة صغرى جديدة في ميدان الطاقات المتجددة.
أما بخصوص الشروع في إنجاز هذه المناطق الصناعية، أشارت بوعيدة إلى أنه تم اقتناء الوعاء العقاري المخصصة لمنطقة الأنشطة الاقتصادية بالوطية، كما تم الاشتغال على الدراسات التقنية بمعية الغرفة الفرنسية للتجارة والصناعة بالمغرب، وسيتم في غضون الأسابيع المقبلة، الشروع في تهيئة هذه المنطقة. كما أننا بصدد تحديد الوعاء العقاري الذي سيحتضن المناطق الصناعية بباقي أقاليم الجهة، وبالموازاة مع ذلك، يتم الاشتغال على إعداد دراسة لتحديد طبيعة الأنشطة بكل منطقة صناعية.