ساهمت منظمة المرأة التجمعية بجهة الرباط سلا القنيطرة، أول أمس السبت بالرباط، في إثراء نقاش تعديل مدونة الأسرة، الذي دعا إليه جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، في خطابه للذكرى 23 لعيد العرش المجيد.
وتطرق المتدخلون، خلال الملتقى الوطني الرابع للمرأة التجمعية، إلى مختلف التعديلات التي وجب اعتمادها، ضمن ورشة “تحيين المدونة: التعديلات المقترحة”، التي ساهم في تأطيرها حقوقيون وأساتذة جامعيون.
في هذا الصدد، قالت سميرة موحيا، رئيسة فيدرالية رابطة حقوق النساء، إننا في مرحلة تاريخية من أجل تعديل التشريعات الوطنية وملاءمتها مع الدستور والاتفاقيات الدولية الموقعة من طرف المغرب، مشددة على ضرورة إعطاء المرأة المكانة التي تستحقها، من خلال الوقوف عند الثغرات والاختلالات التي تتضمنها المدونة، كما دعا إلى ذلك جلالة الملك.
وزادت أن الفيدرالية، منذ تفعيل المدونة وتطبيقها، كانت تلتزم بإعداد تقارير تواكب تنفيذ المدونة في المحاكم، ووقفت عند مختلف ثغراتها، كما ساهمت سنة 2007 بتقرير من أجل تحيين منظومة الإرث وإعادة النظر في مسألة التعصيب.
وأكدت أنه الآن “وقعت تحولات كبيرة في بنية الأسرة، والبنات أصبحن يشتغلن، والإخوة أو الأعمام أو أبناء العم لم يعودوا مسؤولين على النفقة على أفراد عائلاتهم البنات، كما أن النساء تنفقن وتؤدين الضرائب تماما كالرجال، كما ان نسبة العزوبية ارتفعت في صفوف النساء سواء لاكراهات أو لاختيارهن، لذلك وجب إعادة النظر في منظومة الإرث، وأخذ المكانة التي وصلت إليها المرأة بعين الاعتبار”، حسب قولها.
وشددت على ضرورة وجود اجتهاد إنساني جديد لتجاوز هذه الإشكالات، مع إقرار المساواة داخل الأسرة، وإلغاء مبدأ التراتبية وقوامة الرجل، مطالبة الحكومة بفتح ورش حقيقي لإصلاح المنظومة التشريعية في هذا الإطار وملاءمتها مع الدستور، من أجل مشاركة المرأو في التنمية، كما ارادها جلالة الملك.
وشاطر بوشعيب أوعبي، أستاذ القانون الدستوري، موحيا الرأي، بمطالبته بمدونة تلائم الدستور، وتكرس المساواة “لا يمكن يكون عندنا الدستور في واد والمدونة في واد، والاتفاقيات الدولية في واد آخر، والآن ولأول مرة، هناك إجماع لجميع الفاعلين بضرورة تحيين المدونة، من أعلى سلطة إلى آخر مواطن، ولا يوجد الصراع الذي كان قبلا في 1992 و1999″، على حد قوله.
لكن في المقابل، يردف أوعبي أن هناك أطراف محافظة ليس لصالحها هذا التغيير، متأسفا لتأخر تعديل المدونة لمدة 10 سنوات بسبب ذلك، بينما “الأحرار”، الذي يقود المرحلة، له إرادة فعلية للقيام بهذا التغيير بناء على توجيها جلالة الملك.
وأفاد أن الفعاليات الحقوقية ترغب في مراجعة شمولية، إلا أن جلالة الملك حدد، في خطابه، مجموعة من النقاط التي وجب أن تتغير، وهي اعتماد دستور 2011، وتمكين المرأة حقوقها القانونية والشرعية، وتفعيل المؤسسات الدستورية المتعلقة بحقوق المرأة، ثم تفعيل الآليات والتشريعات الوطنية للنهوض بوضعية المرأة، والتشديد على التطبيق الصحيح، وتجاوز الاختلالات والسلبيات التي أظهرتها التجربة، ومراجعة بعض البنوذ التي تم الانحراف بها عن أهدافها، واحترام الشريعة الاسلامية في التعديل لكن دون المساس بخصوصية المجتمع المغربي، واعتماد الاجتهاد، وتعميم محاكم الأسرة.
وشدد في ختام كلمته، على ضرورة اشتغال الحكومة والبرلمان، بشكل عاجل، من أجل صياغة عمل لتهييء المراجعة والتعديلات التي ستطال المدونة.
من جهتها، أفادت فاطمة غلالو، الناشطة الحقوقية، مدونة الأسرة كانت من أهم المنجزات التي اعتمدها صاحب الجلالة لتحقيق مطالب الجمعيات الحقوقية والنسائية، من خلال تكريس المساواة بين الرجل والمرأة ومراعاة المصلحة الفضلى للطفل.
واستحضرت غلالو مقتطفا من الخطاب الملكي السامي الذي دعا فيه جلالته إلى تعديل المدونة، حيث قال إنها “شكلت قفزة للأمام، لكنها أصبحت غير كافية، لأن التجربة أبانت عن عوائق تقف أمام استكمال هذه المسيرة، وتحول دون تحقيق أهدافها”.
وقالت إن المدونة خلقت الثورة سنة 2004، وجاءت بمجموعة من المستجدات، حيث انصفت المرأة في نواحي مختلفة، وجاءت بتغيير جدري لمجموعة من البنوذ الذي كانت تحتاج فعلا إلى تغيير، كالمقتضيات المتعلقة بالنسب، والنفقة، والمتعة، وتدبير الأموال في العلاقة الزوجية، وغيرها.
لكن في المقابل، شددت غلالو على ضرورة تجاوز بعض بنودها، وعلى رأسها اللعان، الذي تعتبره بندا “خطيرا” ومضيعا لحق الطفل في النسب، والذي يتم اعتماده في حالة إنكار الخاطب نسب ابنه منه، حيث يلجأ إلى القسم 4 مرات، ويقول “لعنة الله علي إن كنت من الكاذبين”، وعندها يتم إسقاط الدعوة، دون اعتماد الخبرة الجينية.
كما طالبت بتعديل بعض المسطلحات المتضمنة في المدونة، ومن بينها وصف الطفل ب”الابن غير الشرعي” في حالة حدث عن علاقة غير شرعية، مقترحة أن تتم تسميته ب”الابن الطبيعي”.
وتطرقت غلالو إلى صعوبة إثبات المرأة دخل الزوج في حالة الطلاق، وتهاون القضاة في إجراء الخبرة لمعرفة الدخل الحقيقي، مشددة على وجوب اعنمادها بشكل إلزامي.