انعقد، يوم الأحد 7 دجنبر 2025 بالرباط، المؤتمر الوطني لشبكة الأساتذة الجامعيين لحزب التجمع الوطني للأحرار، في محطة تنظيمية وفكرية بارزة تعكس الدينامية المتواصلة لهذه الهيئة الموازية داخل الحزب. وشكّل اللقاء مناسبة لإبراز التراكم النوعي الذي حققته الشبكة منذ تأسيسها، إلى جانب مناقشة القضايا الوطنية الكبرى، ورصد التحولات الدولية وأثرها على مسار التنمية في المغرب.
وفي كلمته الافتتاحية، ثمّن محمد الصديقي، رئيس شبكة الأساتذة الجامعيين لحزب التجمع الوطني للأحرار، الدعم المتواصل الذي يقدمه رئيس الحزب عزيز أخنوش لهذه الهيئة، مؤكدا أن حضوره ومساندته يجسدان إيمانا راسخا بالدور الجوهري الذي تضطلع به الشبكات الموازية في تكوين النخب ودعم العمل الحزبي. وأبرز أن شبكة الأساتذة الجامعيين أصبحت اليوم أحد أهم فضاءات إنتاج الفكر والاقتراح داخل الحزب.
واستعرض الصديقي الدينامية التي عرفتها الشبكة خلال السنوات الأربع الماضية، منذ انطلاقها في 19 فبراير 2021، مشيرا إلى أنها قطعت أشواطا كبيرة في الهيكلة والتنظيم، ونجحت في بناء فضاء أكاديمي قادر على المساهمة في التنمية السياسية والفكرية للمغرب. وأوضح أن الشبكة تشتغل وفق بُعدين يتعلق أولها بِبُعد موضوعاتي يقوم على إرساء مجموعات علمية وفكرية حسب التخصصات، وبُعد ترابي يشمل جميع جهات المملكة، حيث بلغ عدد المنخرطين 524 عضوا، إضافة إلى أساتذة مغاربة من دول مختلفة.
وأشار الصديقي إلى أن الشبكة نظّمت عشرات الندوات العلمية واللقاءات الفكرية، على المستويين الوطني والجهوي، تناولت قضايا حيوية وساهمت في بلورة تصورات وبرامج مرتبطة بالتنمية الشاملة، مع تعزيز جسور الربط بين الجامعة ومحيطها الاقتصادي والاجتماعي.
وشدّد على أن انعقاد المؤتمر يتزامن مع تخليد الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء، الحدث الوطني الذي يخلّد نصف قرن من التنمية المتواصلة في مختلف ربوع الوطن، بما في ذلك الأقاليم الجنوبية التي شهدت تحولات كبرى تحت القيادة المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله. وثمّن الصديقي القرار الأممي التاريخي الصادر عن مجلس الأمن في 30 أكتوبر الماضي، والذي اعتبر الحكم الذاتي قاعدة لحل النزاع في إطار السيادة المغربية، باعتباره تتويجا للرؤية الملكية الحكيمة ولجهود المغرب الدبلوماسية.
وفي هذا الإطار، أوضح الصديقي أن اختيار موضوع “الوحدة الوطنية: الحكم الذاتي تتويج أممي ورؤية ملكية وجيهة لمسيرة خضراء متجددة” يأتي انسجاما مع أهمية هذا المنعطف الوطني والدولي، وحرص الشبكة على تسليط الضوء على أبعاده السياسية والدبلوماسية.
وبخصوص المحور الثاني للمؤتمر، أبرز الصديقي أن اختيار موضوع “مرونة واستدامة التنمية الشاملة في مواجهة التحولات الجيوسياسية وتصارع الأزمات المتعددة”، يعكس رغبة الشبكة في تقديم قراءات علمية رصينة لأداء الحكومة وتفعيل السياسات العمومية، في سياق عالمي يشهد أزمات اقتصادية واجتماعية واختبارات قاسية لقدرة الدول على الصمود. وأكد أن الهدف هو تحليل مدى فعالية الاختيارات الحكومية واستشراف آفاق التنمية اعتمادا على الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
كما نوّه الصديقي بقدرة الحكومة بقيادة عزيز أخنوش على تنزيل الرؤية الملكية للإقلاع الاقتصادي بعد جائحة كوفيد-19، معتبرا أن المؤشرات تؤكد نجاح الحكومة في إدارة الأزمات ومواصلة الإصلاحات الكبرى وتنزيل البرنامج الحكومي بكامله.
ودعا الصديقي إلى تعزيز الجهود لتأهيل العنصر البشري باعتباره الركيزة الأساسية لتحقيق التنمية الشاملة، مشددا على ضرورة تحسين جودة التعليم وتطوير المناهج وتوفير بيئة محفزة للطلبة من أجل تعزيز قدراتهم وتمكينهم من ولوج سوق الشغل بفاعلية. وأبرز أن دور الأكاديميين لا يقتصر على التدريس والبحث، بل يشمل كذلك الإسهام في صياغة السياسات العامة وإغناء النقاش الوطني حول قضايا المجتمع.
وفي سياق قراءة المرحلة، قال الصديقي إنه ومع اقتراب نهاية الولاية الحكومية بأقل من تسعة أشهر، يصبح النقاش المسؤول والنقد البنّاء ضرورة ديمقراطية، معتبرا أن تقييم العمل الحكومي يجب أن يستند إلى ما تحقق على أرض الواقع، بعيدا عن النزعات الشعبوية والعدمية وحملات التبخيس التي وصفها بأنها “تهدد استمرارية الإصلاح ولا تخدم المصلحة الوطنية”.
وناشد الصديقي مختلف الفاعلين السياسيين والاجتماعيين تغليب المصلحة العليا للوطن، والحفاظ على استقرار المؤسسات، ودعم الإصلاحات الكبرى التي تعرفها البلاد خلال هذه الولاية، مؤكدا حاجة المغرب إلى تراكم إيجابي مسؤول وبنّاء.
وفي ختام كلمته، أعلن محمد الصديقي دعم شبكة الأساتذة الجامعيين الصريح والواضح للحكومة بكافة مكوناتها، وللمسار الإصلاحي الذي تقوده تحت رئاسة عزيز أخنوش، خدمة للمواطنين وتعزيزا لمكانة المغرب إقليميا ودوليا.












