قدمت فاطمة الحساني، المستشارة البرلمانية عن فريق التجمع الوطني للأحرار، مداخلة معمقة خلال مناقشة الميزانية الفرعية لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، معتبرة أن هذه اللحظة التشريعية تمثل محطة أساسية لتقييم السياسات العمومية في قطاع يشكل العمود الفقري للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. وأكدت أن إصلاح منظومة التربية والتكوين يظل رهانا استراتيجيا يقتضي الاستثمار الجاد في الرأسمال البشري، باعتباره الثروة الوطنية القادرة على مواجهة تحديات العولمة والتنافسية ومواكبة التحولات العلمية والتقنية.
وسلطت المستشارة الضوء على ما تضمنه مشروع قانون المالية من ميزانية غير مسبوقة موجهة للقطاع، معتبرة أن هذا المجهود المالي يعكس الإرادة الحكومية القوية في إحداث تغييرات حقيقية داخل المدرسة العمومية. وتوقفت عند مشروع “مؤسسات الريادة” الذي أثبت نجاعته المبكرة في تحسين التعلمات وتقليص الفوارق بين المتعلمين، مؤكدة أن هذا التوجه يمثل نقلة نوعية في مسار تحديث المنظومة التعليمية.
كما أشادت الحساني بإخراج النظام الأساسي الجديد لموظفي وزارة التربية الوطنية، والذي أنهى سنوات من الانتظارية والاحتقان، بعد مسار حوار شارك فيه مختلف الفاعلين. وأبرزت أن الزيادة العامة في الأجور، التي بلغت ألفا وخمسمائة درهم، تمثل خطوة عملية لترسيخ مبادئ الدولة الاجتماعية وتحفيز الأطر التربوية على مزيد من العطاء.
وفي المقابل، نبهت المستشارة إلى مجموعة من الاختلالات التي ما تزال تعيق تطوير المدرسة العمومية، وفي مقدمتها ضعف التعليم الأولي، والاكتظاظ داخل الأقسام، ومعاناة النقل المدرسي خاصة في العالم القروي. وانتقدت استمرار فرض رسوم على الأسر المعوزة، داعية الوزارة إلى تحمل مسؤولية الإشراف المباشر على هذا المرفق الحيوي بدل تركه للجمعيات التي تعرف بعض أشكال الاختلال في التدبير. كما دعت إلى معالجة النقص الحاد في الموارد البشرية بالمناطق الجبلية والقروية التي تحتاج إلى التفاتة خاصة لضمان عدالة مجالية في الولوج إلى التعليم.
وأشارت الحساني إلى الأرقام التي كشف عنها الوزير بشأن أكثر من أربعة آلاف مؤسسة تعليمية تفتقر إلى الماء الشروب والمراحيض، واعتبرت ذلك وضعا غير مقبول، مثمنة إعلان الوزير عن إطلاق خطة استعجالية لتجاوز هذا الوضع قبل نهاية السنة الجارية. كما دعت إلى تسريع إحداث المدارس الجماعاتية ودعم التكوين الأولي والمستمر باعتبارهما ركيزتين لتحسين جودة التعليم.
وفي الجانب المتعلق بتدريس الأمازيغية، أبرزت المستشارة التقدم الواضح الذي تحقق خلال السنتين الأخيرتين، مشيدة بتخصيص ألف مدرس جديد لهذه اللغة الوطنية. واعتبرت أن هذا الورش يحتاج إلى مزيد من التعزيز لضمان التعميم الأفقي والعمودي للأمازيغية، انسجاما مع مكانتها الدستورية ودورها في ترسيخ الهوية الوطنية المتعددة الروافد.
كما توقفت الحساني عند أهمية الرياضة باعتبارها رافعة للتنمية البشرية، مستحضرة التحولات الكبيرة التي عرفها هذا المجال بفضل الرؤية الملكية التي أرست أسس تطوير البنيات الرياضية والارتقاء بالممارسة. ونوهت بالتقدم الكبير في ورش الملاعب التي ستستضيف التظاهرات القارية والعالمية، وبالدور المتصاعد للجامعات الرياضية، خاصة الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم والجامعة الملكية المغربية للفروسية.
وفي ختام مداخلتها، دعت المستشارة إلى تسريع إنجاز مشاريع القرب الرياضية، وتقوية الرياضة المدرسية، وإعادة الاعتبار للمنشآت الرياضية بالعالم القروي والمناطق الجبلية. كما أكدت أن المؤشرات الإيجابية المحققة في قطاع التعليم والرياضة تعكس حصيلة حكومية مشرفة، وتساهم في دعم مسار الإصلاحات الكبرى التي تشهدها البلاد في أفق تعزيز مدرسة عمومية قوية ومنصفة، وبنيات رياضية حديثة توفر الفرص لأجيال المستقبل.




