استعرض أمين التهراوي، وزير الصحة والحماية الاجتماعية، في حوار مع جريدة “هسبريس” الإلكترونية، مجموعة من المشاريع والتوجهات التي تشهدها المنظومة الصحية في المغرب، مؤكدا أن الوزارة قامت بتنفيذ العديد من المبادرات التي تهدف إلى تحسين جودة الخدمات الصحية وتطوير البنية التحتية، حيث أن التوجه الأساسي يرتكز على تطبيق نظام المجموعات الصحية الترابية الذي يعتبر من بين الأولويات في المرحلة الحالية.
وأوضح التهراوي أن الوزارة بدأت بالفعل في تنفيذ هذا النظام في جهة طنجة تطوان الحسيمة، التي ستكون أول جهة تشهد تطبيق هذه المجموعات الصحية بشكل فعلي، مضيفا أن هذه الجهة ستعد نموذجا لتعميم هذه التجربة في باقي جهات المملكة، وذلك عبر عملية تدريجية تأخذ بعين الاعتبار التصحيحات اللازمة لضمان نجاح التجربة.
وأكد التهراوي أن هذه العملية تهدف إلى تحسين التنسيق بين المستشفيات والمراكز الصحية في نفس الجهة، حيث تضم هذه الأخيرة 20 مستشفى، بما في ذلك مستشفيات القرب والإقليمية، بالإضافة إلى مستشفى جامعي و299 مركزا صحيا أوليا. وفي هذا السياق، شدد على أن هذه المنشآت الصحية يجب أن تعمل بشكل متكامل ضمن إطار حكامة موحدة، لتحقيق أهداف تحسين الخدمات الصحية للمواطنين.
وفي إطار تعزيز هذه الحكامة، أشار التهراوي إلى أن الوزارة توصلت إلى اتفاق مع الشركاء الاجتماعيين للحفاظ على صفة الموظف العمومي لموظفي القطاع الصحي، مؤكدا في الوقت نفسه أنه سيتم الحفاظ على مركزية الأجور في قانون المالية لسنة 2025، وأوضح الوزير أن هذا الاتفاق يهدف إلى توفير استقرار وظيفي للعاملين في القطاع الصحي، خاصة في ظل التحديات الكبيرة التي تواجهها المنظومة الصحية في المغرب.
كما أشار التهراوي إلى أن الوزارة تركز بشكل خاص على معالجة المشاكل الصحية التي تواجهها الجهات، مثل ظاهرة الاكتظاظ في المستشفيات، موضحا أن النظام الجديد سيسهم في تحسين التنسيق بين المستشفيات الجامعية وباقي المستشفيات داخل نفس الجهة، وهو ما سيساعد على معالجة هذه الإشكاليات بشكل أكثر فعالية.
وأضاف أن الوزارة تعمل على تحسين إدارة الموارد البشرية على المستوى الجهوي لضمان توزيع الكفاءات بشكل يتناسب مع احتياجات كل منطقة.
وفيما يتعلق بمشاريع الإصلاحات الكبرى في المنظومة الصحية، أكد التهراوي أن المغرب دخل مرحلة جديدة من تنفيذ الورش الملكي الخاص بتوسيع الحماية الاجتماعية، وهو المشروع الذي يهدف إلى توفير تغطية صحية شاملة لجميع المواطنين، مضيفا أن هذا الورش سيسهم في تعزيز الحق في الحماية الاجتماعية، سواء للمواطنين الذين يزاولون أنشطة مهنية منتظمة أو لأولئك الذين يعملون في القطاع غير المهيكل.
وفي هذا الإطار، أشار الوزير إلى أن الوزارة ماضية في تنفيذ مشاريع طويلة الأمد تهدف إلى تحسين البنية التحتية الصحية على مستوى المملكة، حيث سيكون لكل جهة مستشفى جامعي وكلية طبية.
وكشف الوزير عن برنامج ضخم يمتد على فترة زمنية طويلة، بلغت ميزانيته 42 مليار درهم، الذي يهدف إلى إحداث قفزة كبيرة في مستوى البنية التحتية الصحية في المغرب. وتوقع التهراوي أن يتم بناء مستشفيات جديدة في كل من أكادير والرباط والعيون في القريب العاجل، بالإضافة إلى إنشاء مستشفيات جامعية في كلميم وبني ملال والرشيدية بحلول عامي 2028 و2029.
وأكد أن هذه المشاريع ستكون لها انعكاسات إيجابية على مستوى توفير خدمات صحية أكثر جودة وسهولة في الوصول إليها من قبل المواطنين في مختلف مناطق المملكة.
إلى جانب هذه المشاريع الكبرى، تحدث الوزير عن إعادة تأهيل المراكز الصحية الأولية التي تعد نقطة التواصل الأولى للمواطنين مع القطاع الصحي.
وأوضح التهراوي أن الوزارة قد بدأت بالفعل في عملية تأهيل 1400 مركز صحي من أصل 3300 مركز على الصعيد الوطني، مشيرا إلى أنه تم تأهيل 950 مركزا حتى الآن، والهدف هو إعادة تأهيل جميع المراكز الصحية بشكل تدريجي. وتعتبر هذه المراكز محورية في تحسين مستوى الخدمات الصحية الأساسية مثل الولادة، التلقيح، وطب الأطفال، وهو ما سيسهم في تحسين الرعاية الصحية الأولية في المملكة.
وفيما يتعلق بمكافحة الأمراض والأوبئة، كشف التهراوي عن الوضع الحالي لمرض الحصبة في المغرب، حيث أشار إلى أن المملكة تشهد حاليا الموجة الثالثة من هذا الوباء.
وأوضح الوزير أن الوزارة قد اتخذت إجراءات صارمة لمكافحة انتشار الحصبة، بما في ذلك إطلاق حملة تلقيح مكثفة للأشخاص أقل من 18 سنة، بهدف الوصول إلى نسبة تلقيح تبلغ 95%، وهي النسبة المعتمدة من قبل منظمة الصحة العالمية. كما أعلن أن الوزارة قد رفعت من مخزون فيتامين A بواقع 5 ملايين جرعة لدعم الوقاية من الحصبة.
وفيما يخص تطور الوضع الوبائي، ذكر الوزير أن عدد حالات الإصابة الأسبوعية قد بلغ 1520 إصابة، وأن الوزارة نجحت في الوصول إلى 10,6 مليون طفل ضمن حملة التلقيح. وأوضح أن نسبة التلقيح للأطفال الذين لم يستكملوا تلقيحهم قد وصلت إلى 62%، وهي نسبة أدنى من الهدف المحدد (90%)، مشيرا إلى أن الوزارة ستواصل جهودها لتسريع هذه الحملة للوصول إلى الهدف المطلوب.
وأكد التهراوي أن هذه الجهود أسهمت في الحد من انتشار الوباء، حيث تم تسجيل انخفاض بنسبة 20% في عدد الإصابات الأسبوعية مقارنة مع الأسبوع السابق، مؤكدا أن البلاد دخلت في الأسبوع الثامن من انخفاض الإصابات.
وفي ختام حديثه، حذر التهراوي من أن ذلك لا يعني نهاية تهديد الحصبة، حيث يمكن أن تشهد البلاد موجات جديدة من الوباء في المستقبل. لذلك، أشار إلى أن الوزارة ستظل متأهبة لمواجهة أي تطورات جديدة.