ثمن محمد البكوري، رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس المستشارين، المنجزات التي تم تحقيقها في المجال الفلاحي خلال ولاية هذه الحكومة، بوجود محمد الصديقي على رأس وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية المياه والغابات، مشيرا إلى أن هذا القطاع أهم القطاعات المنتجة للثروة، لما له من دور في دوران العجلة الاقتصادية وفي التنمية الاجتماعية.
وأبرز، في مداخلة باسم فريق التجمع الوطني للأحرار خلال مناقشة مشروع الميزانية الفرعية لقطاع الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات برسم السنة المالية 2024 داخل اللجنة القطاعية، أن البلاد حققت نجاحات جد مهمة بفضل مخطط المغرب الأخضر. المشروع الهيكلي المندمج الكبير الذي تم إطلاقه سنة 2008، في إطار رؤية متبصرة لجلالة الملك نصره الله، والذي تحققت بفضله نتائج مهمة وتاريخية على مستوى مكننة القطاع وتنظيم المهنيين وعلى صعيد كافة سلاسل الإنتاج، حسب تعبير البكوري.
وأبرز أن البلاد قطعت أشواطا مهمة في تحقيق الأمن الغذائي في العديد من المنتوجات الغذائية الأساسية، مشيرا إلى أن الإنتاج الوطني تضاعف مرتين، وتضاعفت الصادرات ثلاث مرات، وتمكنا من اقتصاد 2 مليار متر مكعب من الماء، وساهم في تحسين متوسط الدخل الفلاحي بالقرى بنسبة 66% وتقليص عجز الميزان التجاري الفلاحي.
وأكد أن هذه النجاحات راجعة إلى التشجيعات التي رصدها مخطط المغرب الأخضر للقطاع الفلاحي، الذي تعزز بحجم الاستثمارات الفلاحية العمومية المهمة والإرادة القوية للنجاح في قطاع كان يعيش في فترة من الفترات على وقع توالي الأزمات والتراجعات.
ونفى البكوري صحة بعض مغالطات الرائجة بغرض تضليل الرأي العام الوطني حول هذا المخطط، مشيرا أن الغرض منها هو تبخيس المنجزات التي تحققت بالأرقام والمؤشرات، وكان لها الأثر الواضح والملموس على الفلاحة المغربية وعلى ساكنة العالم القروي على وجه الخصوص.
كما ثمن البكوري الحصيلة الأولية لمخطط الجيل الأخضر 2020-2030 الذي جاء لتعزيز مكاسب هذا القطاع وليواصل تنميته بتأهيل الفلاح والرفع من مستواه الاقتصادي والاجتماعي.
من جهة أخرى، أشاد البكوري بالدور الحيوي الذي بات يلعبه القطاع في مجال تدبير الموارد المائية، مبرزا أن دور الوزارة داخل الحكومة ومع الفاعلين لم يعد يقتصر على تدبير وثمين الموارد المائية المتاحة، بل أصبح يتجاوز ذلك إلى عمليات تعبئة هذه الموارد.
وأوضح أن الوزارة لعبت دورا رياديا في تخطيط وإنجاز مشاريع مهيكلة كبرى في هذا المجال، كمشروع تحلية مياه البحر بسهل اشتوكة، الذي أصبح المورد المائي الأساسي لمنطقة أكادير الكبرى، سواء بالنسبة لمياه السقي أو الماء الشروب، وكذلك مشروع تحويل المياه بين حوضي سبو و بورقراق، الذي أنجز في ظرف قياسي.
ونوه البكوري بما تقوم به الوزارة في مجال السلامة الصحية للمواد الغذائية، مشيرا إلى أنه بعد أكثر من عشر سنوات على إحداثه، أصبح المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية أحد أهم القائمين على حماية وسلامة وجودة المواد الغذائية التي يستهلكها المغاربة أو تلك الموجهة للتصدير، مشيدا بالدور الهام الذي يلعبه هذا المكتب الوطني في حماية الرصيد النباتي والحيواني للبلاد، والوقاية من الأمراض النباتية والحيوانية، التي قد تسبب خسائر مادية واقتصادية جسيمة.
وذكر بالمجهودات التي تم القيام بها في مجموعة من الأمور، منها إعادة توطين شجر الصبار بعد الخسائر الفادحة التي تكبدتها هذه السلسلة الانتاجية جراء الحشرة القرمزية.
كما هنأ الوزير على ما يقوم به من جهود لخدمة الاستثمار وخلق فرص الشغل في المجال الفلاحي، رغم الظرفية الصعبة التي تجتازها بلادنا من ناحية ضعف وتأخر التساقطات المطرية بسبب العجز المسجل على مستوى المخزون المائي، مشيرا إلى أنه بفضل الاستثمارات التي تشجعها الوزارة، في إطار التحفيزات أو من خلال تثمين الأوعية العقارية الفلاحية، يتم اليوم العمل على الرفع من القدرات الانتاجية وخلق الثروة، خاصة في العالم القروي، مع خلق فرص شغل حقيقية.
مع ذلك، دعا البكوري وزير الفلاحة إلى التفكير في وسائل تضمن استدامة هذه الاستثمارات وحماية قدرتها على التشغيل الفاعل، “فأمام التحديات التي تفرضها التغيرات المناخية، أصبح لزاما التفكير في نماذج حديثة لتأطير الفلاحة الوطنية في جانبها الاستثماري، من خلال تثمين بعض الجوانب وتطوير بعض السلاسل الفلاحية القادرة على ضمان استمرارية النسيج الانتاجي الفلاحي”، على حد وصفه.
وأفاد بأن تنزيل استراتيجية الجيل الأخضر كفيلة ببلوغ هذه المقاصد، وخاصة في الجوانب المرتبطة بتثمين وتحويل الإنتاج الفلاحي وتطوير الصناعات الغذائية، وكذا النهوض ببعض المهن الجديدة الفلاحية وشبه الفلاحية.
كما دعا الوزير إلى مواصلة التعاون الفعال مع المنتخبين والمجالس المحلية لتوطين مشاريع كفيلة بهيكلة سافلة الانتاج الفلاحي على نحو أمثل، خصوصا إنجاز مشاريع أسواق الجملة والأسواق النموذجية والمجازر العصرية، لضمان مجموعة من المكتسبات، على رأسها تثمين المنتوج الفلاحي والرفع من مردودية سلاسل الإنتاج، بالإضافة لضمان جودة المواد الفلاحية، وبالتالي حماية صحة المواطنين.
من جهة أخرى، أفاد البكوري أن قطاع الصيد البحري يضطلع بدور محوري في التنمية الاقتصادية والاجتماعية ببلادنا، حيث تساهم الثروة السمكية مساهمة مهمة في الاقتصاد الوطني وفي توفير آلاف مناصب الشغل.
واستحضر في هذا الإطار، مضامين الخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى 48 لذكرى المسيرة الخضراء المظفرة، الذي رسم معالم رؤية جيوسياسية مبتكرة يكون الرهان فيها على البعد الأطلسي في تعزيز القدرات الاقتصادية والتنموية والإشعاعية للمملكة، من خلال جيل جديد من الأوراش الهيكلية واللوجيستيكية على طول الواجهة الأطلسية، وعبر توجه هادف لخلق أسطول بحري تجاري وطني وتنافسي، بما يسمح بجعل أقاليمنا الجنوبية مركزا دوليا مستقطبا للاستثمار، باعتبار المغرب بوابة لإفريقيا ونافذة على الاقتصاديات الأمريكية وجسرا حيويا للتواصل الانساني والثقافي.
وأكد هنا على انخراط فريق التجمع الوطني للأحرار، الكامل، في هذا التوجه الاستراتيجي الحامل لأهداف تنموية واقتصادية وسياسية ودبلوماسية واشعاعية، “فإننا متيقنون أن الجدية التي يدبر بها هذا القطاع ستساهم في التنزيل السليم لهذه الرؤية الملكية الطموحة في مجال الصيد البحري”، على حد قوله.
وفي هذا السياق، نوه بالمجهودات المبذولة على صعيد هذا القطاع، مشيرا إلى أنه عرف، بفضل استراتيجية أليوتس، اقلاعا تنمويا مهما، حيث شهد بالتعاون الفعال الذي ميز عمل القطاع مع المهنيين على مدى 15 سنة الأخيرة، والتجاوب والاحترام الذي يجمع القطاع مع العاملين فيه على خصوصيتهم.
وزاد: “هذا التعاون المثالي أثمر استقرارا انتاجيا، سواء من خلال تثمين وحماية الموارد البحرية، بتوازن وتوافق مع الحفاظ على القدرة الانتاجية والتشغيلية، أو من خلال الرفع من مردوديته وتحسين مدخول العاملين”.
كما أشاد بالمجهودات الكبرى التي بذلت في مجال تسويق المنتوج البحري، “حيث يمكن اعتبارها احدى المسالك التسويقية الأكثر شفافية، سواء خلال عمليات البيع الأولي أو عمليات البيع داخل أسواق الجملة. وهنا يتعين علينا كمنتخبين مرة أخرى أن ننوه بالمجهودات التي تبذلها الوزارة، وكذلك المكتب الوطني للصيد من خلال تجاوبهما مع الجماعات المحلية والتعاون معهم بفعالية لإنشاء أسواق الجملة بمجموعة من مدن المملكة، وهو ما ساهم في إضفاء نوع من العدالة المجالية على استهلاك المغاربة للثروة البحرية التي تزخر بها بلادنا. فلم تعد العادات الاستهلاكية للأسماك مقتصرة على المدن الساحلية، بل أصبحت متاحة أكثر فأكثر لساكنة المدن الداخلية”، حسب تعبيره.
وذكر بأهم المنجزات التي تم تحقيقها في إطار البرنامج الوطني لتقليص الفوارق المجالية والاجتماعية، موضحا “سجلنا تحقيق منجزات إيجابية منذ إنشاء إمارة الصرف لوزارة الفلاحة فيما يخص صندوق التنمية الفلاحية، والذي أصبح الأداة الرئيسية لإنجاز برنامج تقليص الفوارق، ولاحظنا دينامية كبيرة في كل جهات المملكة التي استفادت على حد سواء من مشاريع فك العزلة عن العالم القروي وتوفير الخدمات الأساسية بالجماعات القروية ذات الأولوية، الشيء الذي ساهم بشكل كبير في تحسين مؤشرات العيش والكرامة الانسانية في مجموع الجماعات المستهدفة”.
وأشاد بالعمل الجاد الذي تقوم به الوكالة الوطنية للمياه والغابات، معبرا عن دعمه لها في هذه الفترة التأسيسية، الضرورية لإعادة تنظيم وهيكلة القطاع بما يخدم الملك الغابوي والثروة الغابوية الوطنية والحفاظ عليها من كل المخاطر التي تتهددها، في إطار مقاربة جديدة، ألا وهي مصالحة المواطن المغربي، وخاصة الساكنة المحيطة، مع الثروة الغابوية والدفع باتجاه تملكهم لها ومساهمتهم الفعلية والفاعلة في الحفاظ عليها وإشراكهم في تدبيرها وحمايتها.
وعلى هذا الأساس، دعا جميع الفاعلين إلى الدفع قدما بتنزيل مختلف مكونات استراتيجية “غابات المغرب” التي أمر صاحب الجلالة نصره الله شخصيا بإطلاقها، حماية لهذا الموروث ذو الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية والإنسانية.
واعتبر أن انفتاح الوزير على المنتخبين من مختلف المشارب السياسية، وحرصه الدائم على تلبية المطالب يثلج الصدور، لأن القطاع الذي يشرف عليه يهم مباشرة أكثر من 45 في المائة من ساكنة المغرب، والتي هي ساكنة العالم القروي، كما يهم بصفة غير مباشرة عموم المواطنين المغاربة، من خلال دوره المحوري في تأمين أمنهم الغذائي والحفاظ على مواردهم المائية.
وعلى ضوء المنجزات المحققة ورؤية الوزارة الطموحة للنهوض بالقطاعات التي تشرف عليها، “لا يسعنا إلا أن نؤكد بإنكم خير خلف لخير سلف. فلا ينكر إلا جاحد المجهودات الكبرى التي بذلها السيد عزيز أخنوش على رأس هذه الوزارة على مدى أكثر من عقد من الزمن، شهدنا خلاله تطورا نوعيا ومتميزا لهذا القطاع، حيث كنتم في مركزكم السابق خير معين على هذا النجاح، وتواصلون اليوم هذا النهج بنفس متجدد، أصبحت تظهر نتائجه من خلال مواكبة قطاعكم للدينامية الكبيرة التي أصبحت تطبع العمل الحكومي، سواء لمواصلة تعزيز بناء الدولة الاجتماعية، أو من خلال استكمال مسار الاستراتيجيات الكبرى والمشاريع المهيكلة التي من شأنها الدفع ببلادنا الى مصاف الدول الرائدة اقليميا وقاريا”، يضيف البكوري.
وزاد: “باسم كل المنتخبين، نهنئكم على الأداء الاستثنائي في إنجاز مختلف مكونات هذا برنامج الجيل الأخضر الملكي، وندعوكم، ومن خلالكم الحكومة، للتفكير في صيغة ثانية بالنظر للحاجيات التي زالت تعبر عنها الساكنة القروية”.
وفي الختام، أفاد البكوري أن فريق التجمع الوطني للأحرار، وعيا منه بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقه، يعبر عن كامل دعمه لجميع المبادرات التي من شأنها النهوض بالقطاعات التي تشرف عليها الوزارة.