قال محمد البكوري، رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس المستشارين، أمس الثلاثاء، إن ورش الحماية الاجتماعية، الذي أطلقه صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، يعتبر مشروعا مهيكلاً غير مسبوق، يؤسس لمرحلة جديدة قوامها الكرامة، الإنصاف، والتضامن الوطني.
وأضاف البكوري في تعقيبه على جواب رئيس الحكومة خلال الجلسة الشهرية لمساءلة رئيس الحكومة حول موضوع “ترسيخ مقومات الإنصاف والحماية الاجتماعية”، أن هذا المشروع الهام، لا يمثل فقط إصلاحا تقنيا أو إداريا في السياسات العمومية، بل هو رؤية مجتمعية شاملة تترجم الإرادة الملكية السامية في إرساء أسس الدولة الاجتماعية، والانتصار للعدالة المجالية، ومحاربة الهشاشة، وصيانة الكرامة الإنسانية لجميع المواطنات والمواطنين، دون استثناء، ودون تمييز.
كما نوه المتحدث نفسه بالدور المحوري للحكومة الحالية، التي وصف أداءها بـ”الفعّال والمنهجي”، مشيراً إلى أنها امتلكت تشخيصاً دقيقاً لنقائص المنظومة السابقة، وساهمت في إرساء الأسس التشريعية والمالية والتنظيمية الضرورية لضمان نجاعة واستدامة هذا الورش المجتمعي الضخم.
وسجل رئيس الفريق باعتزاز، أن الحكومة نجحت في تعبئة كل القوى الحية للأمة، من مؤسسات دستورية وشركاء اجتماعيين واقتصاديين، “بعيداً عن أي منطق حزبي ضيق أو نزعة إقصائية”، مشدداً على أن “ورش الحماية الاجتماعية ليس ملكاً لحكومة أو تيار بعينه، بل هو ثمرة رؤية ملكية بعيدة المدى تنحاز للوطن والمواطن”.
ولفت البكوري إلى أن هذا الورش التاريخي تواكب بإصلاح قانوني وتشريعي معمق، وعلى رأسه القانون الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية، الذي مكّن من توسيع التغطية الصحية الإجبارية لتشمل جميع فئات المواطنين. واعتبر أن هذا التقدم يُبرز انسجاماً لافتاً بين النص القانوني والتطبيق العملي، مثمناً في هذا السياق المجهود التشريعي للبرلمان بغرفتيه، وروح التوافق التي طبعت النقاشات حول هذا الورش الحيوي.
وفي معرض حديثه عن الأثر الميداني، أكد رئيس فريق الأحرار أن فئات واسعة من المواطنين باتت تستفيد بشكل مباشر من خدمات برنامج “أمو تضامن”، ما مكّن من استرجاع تكاليف الأدوية والفحوصات، وتخفيف العبء المالي على الأسر، لاسيما الفئات الهشة والمتوسطة، مضيفاً أن الأمر لم يعد يتعلق بأرقام وإحصائيات، بل “بحياة ناس واستقرار أسر”، معبّراً عن ارتياح الفريق النيابي للتغيرات الإيجابية التي طالت الحياة اليومية لشرائح واسعة من المجتمع المغربي.
ودعا البكوري إلى مواصلة الجهود من أجل رفع جودة الخدمات الصحية، خاصة في المستشفيات العمومية بالعالم القروي والمناطق الجبلية، مع تعزيز الرقمنة الإدارية وتبسيط المساطر، حتى لا يُحرم المواطن من حقه بسبب تعقيدات بيروقراطية.
واعتبر المستشار البرلماني أن برنامج الدعم الاجتماعي المباشر، الذي يتراوح بين 500 و1200 درهم شهرياً، شكّل تحوّلاً نوعياً في فلسفة الدعم العمومي، وساهم في استقرار الأسر، خاصة بالوسط القروي، مؤكداً أن الحكومة نجحت في ضمان استدامة تمويل الورش عبر إصلاحات مالية وهيكلية كبرى.
وتوقف البكوري عند النتائج المحققة في البرنامج الوطني لدعم السكن، مبرزاً استفادة أكثر من 45 ألف أسرة فعلياً، مع معالجة 150 ألف ملف إضافي، مشيراً إلى أن هذا الدعم يعزز مبدأ العدالة المجالية ويخدم الشباب وذوي الدخل المحدود.
وفي ختام مداخلته، شدد البكوري على أن نجاح الحكومة في تنزيل هذه المشاريع ينبع من رؤية استراتيجية بعيدة المدى، ربطت الحماية الاجتماعية بالنموذج التنموي الجديد، واعتبرتها رافعة تنموية لا عبئاً اقتصادياً، لأنها تُحصّن الرأسمال البشري وتُعزّز الإنتاجية والطلب الداخلي.
ودعا المتحدث باسم فريق الأحرار كل الفاعلين الوطنيين إلى تجاوز الخلافات الحزبية وجعل ورش الحماية الاجتماعية “ورش وحدة وإنصات، لا ورش مزايدة”، مؤكداً أن المغاربة يستحقون الأفضل في مغرب الكرامة والمساواة وتكافؤ الفرص، ومجدداً دعم الفريق النيابي المطلق لهذا الورش الملكي الذي يُعد بحق “بداية لعقد اجتماعي جديد”.