قدّم محمد البكوري، رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس المستشارين، مداخلة خلال اجتماع لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية بمناقشة الميزانية الفرعية لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، ضمن مشروع قانون المالية لسنة 2026، بعد المصادقة عليها من طرف مجلس المستشارين، من حيث استثمر المناسبة لتقديم قراءة سياسية وتشريعية دقيقة لمسار إصلاح الجامعة المغربية، ولتثمين ما تحقق من خطوات مهمة تحت قيادة الوزارة خلال المرحلة الأخيرة.
استهلّ البكوري كلمته بالتنويه بالحضور الدائم لوزير التعليم العالي داخل المؤسسة التشريعية وبالنقاش المسؤول الذي طبع اجتماعات اللجنة. كما أشاد بتجاوب الوزير مع مختلف تساؤلات المستشارين، مؤكداً أن هذا الأسلوب التواصلي يعكس إرادة حقيقية لتطوير الجامعة والرفع من مردوديتها.
ولم يفت المتحدث الإشادة بالكفاءة الإدارية لأطر الوزارة، متوقفاً عند التعيين المولوي لمحمد الخلفاوي، الكاتب العام السابق للوزارة، عاملاً على إقليم طنجة–الفحص أنجرة، معتبراً ذلك تشريفاً للوزارة ولكفاءاتها الإدارية.
أكد رئيس الفريق أن الوزارة استطاعت منذ تعيين الوزير على رأس القطاع، إعادة ترتيب العلاقة التعاقدية بين الدولة والجامعة، وتوسيع قاعدة الولوج وتحسين الخدمات الاجتماعية للطلبة، فضلاً عن الانخراط الفعلي في تفعيل الشراكات الدولية، ما جعل النظام الجامعي المغربي أكثر تنافسية وفعالية.
وأضاف أن مشروع القانون الجديد المتعلق بالتعليم العالي، الذي يناقش حالياً داخل البرلمان، يُعد خطوة مفصلية في بلورة رؤية استراتيجية تقوم على تحسين جودة التكوين، تجويد الحكامة، وتعزيز استقلالية المؤسسات الجامعية بما ينسجم مع حاجيات سوق الشغل في مختلف الجهات.
البكوري اعتبر أن الجامعة المغربية مطالبة اليوم بالانفتاح على محيطها الاقتصادي والاجتماعي، والرفع من قدرتها على إنتاج المعرفة وتطوير البحث العلمي، بما يضمن لها الريادة في ظل المنافسة الإقليمية والدولية، خاصة في سياق التحولات الرقمية المتسارعة وانتشار التعليم عن بعد.
ودعا إلى جعل الجامعة رافعة أساسية لبناء مجتمع المعرفة، عبر تقليص الفجوة بين التكوين العلمي والإبداع والابتكار، واستثمار الطاقات اللامحدودة للباحثين المغاربة.
وأوضح المتحدث أن مراجعة القانون 01.00 جاءت انسجاماً مع مضامين القانون الإطار 51.17 وتوصيات النموذج التنموي الجديد، مشيراً إلى أن الوزارة اشتغلت بمنهجية تشاركية واسعة، وبتنسيق مع مختلف المتدخلين، من أجل وضع أرضية تشريعية صلبة تعكس طموح الإصلاح الجامعي.
كما توقف عند مساهمة المغرب في البحث العلمي المرتبط بالتحولات الاستراتيجية، مثل تحلية المياه وتدبير الموارد المائية، مذكراً بأن الوزير ساهم سابقاً داخل المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي في بلورة توجهات جديدة لتقوية البحث العلمي في هذه المجالات الحيوية.
وثمن البكوري بكل وضوح الإجراءات الصارمة التي اتخذتها الوزارة لتخليق الفضاء الجامعي ومحاربة كل أشكال الاستغلال أو الفساد داخله، مؤكداً أن هذه الخطوات أعادت الاعتبار لصورة الجامعة المغربية ولشواهدها العلمية.
وتوقف البكوري عند أهمية المخططات المديرية الأربعة التي وضعتها الوزارة، خاصة المخطط المديري للتعليم العالي، والمخطط المديري للبحث العلمي، والمخطط المديري للابتكار، والمخطط المديري للتحول الرقمي.
واعتبر أن هذه المخططات تشكل بنية متكاملة تساعد على إعادة تأهيل الجامعة على المديين المتوسط والبعيد، وتضعها في قلب الدينامية التنموية لبلادنا.
وأشاد المتحدث بالنتائج الملموسة للحوار الاجتماعي الذي أفضى إلى زيادة غير مسبوقة قدرها 3000 درهم لأساتذة التعليم العالي، إضافة إلى إصلاح النظام الأساسي الذي ظل مجمداً لأزيد من 26 سنة، مؤكداً أن هذا الورش ما يزال مفتوحاً لاستكمال باقي التفاصيل التقنية.
من جهة أخرى، أكد محمد البكوري أن تدريس الأمازيغية داخل الجامعات المغربية يمثل خطوة مهمة، داعياً إلى توسيع هذا العرض ليشمل كل الجامعات والمدارس العليا، في إطار تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية.
واختتم البكوري مداخلته بالتأكيد على أن الاستثمار في التعليم العالي هو استثمار في مستقبل الوطن، وأن المشروع المعروض اليوم يشكل قاعدة قوية يمكن تطويرها عبر تعديلات بسيطة، بما يضمن مزيداً من العدالة والفعالية والملاءمة. كما نوه بالإمكانيات غير المسبوقة التي رصدتها الحكومة للقطاع خلال هذه المرحلة، وعلى رأسها تخصيص 1759 منصباً مالياً خلال السنة المقبلة، وهو رقم يعكس الإرادة السياسية لدعم هذا الورش الوطني الكبير تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله.




