ينظم التجمع الوطني للأحرار مؤتمره السابع على مدى يومي الجمعة والسبت 4 و5 مارس الحالي، محطة تنظيمية مهمة في تاريخ الحزب بعد مسار حافل من البرامج التأطيرية والتواصلية، خلال الولاية السابقة، اعتمد فيها المقاربة التشاركية وسياسة الإنصات والقرب من المواطن، ما مكن الحزب من تصدر المشهد السياسي في الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة.
لم تكن التحولات التي شهدها الحزب لتتأتى لولا اقترانها بالتحول الذي طرأ عليه داخلياً، حيث عمل منذ بداية الولاية في 2016، وبعد انتخاب عزيز أخنوش رئيساً، على تنظيم الهياكل والمنظمات الموازية، وبرز ضمنها تموقع للمرأة والشباب، هذا التغيير أعاد صياغة العلاقة بين أعضاء الحزب أنفسهم، وبينهم وبين المواطن والمجتمع ككل.
أطلق الحزب دينامية غير مسبوقة للتنظيم الداخلي، بدءا بالفيدرالية الوطنية للشباب والفيدرالية الوطنية للمرأة، مانحاً لهاتين الفئتين فرصة للمشاركة في الحياة السياسية والعمومية، ودعماً كبيرا لانفتاح موسع على المحيط الاجتماعي والثقافي والسياسي، وموقعاً للترافع من أجل الارتقاء بوضعية المرأة والشباب.
في هذا الشأن نظم هاذان التنظيمان أنشطة متعددة وبارزة، ضمنها الجامعة الصيفية للشباب في ثلاث نسخ، وقمة للمرأة سنة 2018.
وشرع الحزب في أولى بداية الولاية الحالية في جولات جهوية للاستماع لمناضليه ومناضلاته، وطرح التحديات والحوار الداخلي حول جعل الديمقراطية المحلية اختياراً ذا مستقبل، نظراً لكونه يمثل النهج الجديد الذي سيضيء ديمقراطية الحزب الداخلية في السنوات الموالية، ويرسخ على نحو مستدام ثوابته في مسار الممارسة السياسية.
وكان التجمع الوطني للأحرار واعياً أن السياسة مدعوة لتصبح أكثر حنكة وأكثر انفتاحاً، لتسمح للعمليات الانتخابية من الانتقال من تعدد كمي للمكونات السياسية إلى تعددية في المشاريع والبدائل مما سيفتح المجال لتجديد دور النخب، هنا أطلق الحزب جولةً ثانية لاستطلاع آراء المواطنين داخل المغرب وخارجه حول أولوياتهم، وأنتج مسار الثقة كمساهمة في بناء نموذج تنموي جديد وخارطة طريق لتركز مجال الاشتغال مستقبلاً في ثلاث أولويات الصحة والتعليم والشغل.
وشكل مسار الثقة ثمرة مساهمة حوالي 100 ألف مغربية ومغربي من مختلف الأعمار والجهات والأقاليم، واستجابة لتطلعات صاحب الجلالة الملك محمد السادس في إثراء النقاش حول نموذج جديد للمملكة، وطموح التأسيس لعقد ثقة مع المواطن.
على نفس المنوال، أسس التجمع الوطني للأحرار لأكبر عملية تشاورية في الحياة السياسية بإطلاق برنامج غير مسبوق للتشاور العمومي 100 يوم 100 مدينة، الذي جال المدن الصغيرة والمتوسطة، لمعرفة خصائص كل منها، والتحديات التي تحول دون تقدمها على مستويات متعددة، ذلك بإشراك ساكنتها في وضع الأصبع على مكامن الخلل، وعاد في وقت لاحق وبعد تجميع المعطيات ليتقاسم خلاصات القافلة مع أكثر من 60 ألف أسرة مغربية ضمن وثيقة أطلق عليها “مسار المدن”.
وشكلت مخرجات هذه اللقاءات الحجر الأساس لبرنامج انتخابي دخل به الأحرار غمار الاستحقاقات الانتخابية لشتنبر 2021، ونجح بفضله في إقناع المواطنين بالتغيير، وبوأوه المرتبة الأولى في مختلف الاستحقاقات، وحظي الحزب بشرف رئاسة الحكومة بعد تعيين جلالة الملك محمد السادس نصره، لرئيس الحزب عزيز أخنوش رئيساً للحكومة.
مرحلة جديدة في مسار التجمع الوطني للأحرار السياسي، بدأت بترأسه للحكومة، حيث قاد مشاورات موسعة لتشكيلها إلى جانب حليفيه كل من حزب الأصالة والمعاصرة وحزب الاستقلال، وشكلوا بذلك أغلبية منسجمة قوية ومسؤولة، تطبعها قيم التضامن والفعالية والجرأة.
بعد أن حظيت الحكومة بشرف التعيين الملكي وثقة البرلمان شرعت في العمل على الملفات ذات الأولوية، النابعة من برنامجها الحكومي، وكان أولها استكمال الترسانة القانونية لتمكين 11 مليون مغربي ومغربية من غير الأجراء من التغطية الصحية، التي تدخل ضمن الورش الملكي الكبير للحماية الاجتماعية.
كما أطلقت الحكومة برنامج أوراش الهادف لتوفير 250 ألف فرصة شغل، وصادقت على أكثر من 31 مشروع استثماري ضمن لجنة الاستثمارات، لتوفير 11 ألف منصب شغل، وقادت حواراً اجتماعياً إلى جانب الفرقاء الاجتماعيين توج بالاتفاق على عدد من النقط المطلبية ذات الأولوية، أبرزها معادلة الدكتوراه مع لأجر لأطباء وصيادلة وأطباء الأسنان بالقطاع العام، بعد أكثر من 15 سنة من النضال.
وتجاوبت الحكومة مع راهنية الظروف المناخية، والتقلبات الاقتصادية على مستوى العالم، حيث عملت ووفقا تعليمات ملكية سديدة على إعداد برنامج استثنائي لمواجهة تأخر التساقطات المطرية على القطاع الفلاحي بـ10 ملايير درهم، فضلا عن إطلاق برنامج استعجالي لدعم قطاع السياحة المتضرر من جائحة كورونا بـ2 مليار درهم.