أصدر حزب التجمع الوطني للأحرار، ورقة سياسية قدم من خلالها مجموعة من المقترحات تهم مكانة اللغة العربية في بلادنا.
وفي هذا الصدد، اقترح حزب التجمع الوطني للأحرار، تكثيف التفاعل بين الفصحى والعربية المتداولة في بلادنا، والتي يطغى استعمالها في الحياة العامة ويتخذ معجمها مواصفات تختلف عن مضامين ومعاني المعجم المقروء والمكتوب للفصحى.
كما اقترح الحزب تكثيف التفاعل بين تنمية اللغة العربية وبين مختلف المكونات الاقتصادية الإنتاجية والتواصلية والحقوقية والقانونية، لأن كل هذه المكونات ستساعد على توفير الشروط المناسبة لها، حتى تنمّى وتنتشر وتندمج على المستوى العلمي والاقتصادي، مضيفا أنها تساعد من جهة ثانية على الانخراط في ورش التنمية الكبير الذي تعرفه بلدنا.
وشدد حزب “الأحرار” على ضرورة التخلص من عقدة النقص التي يعانيها بعض من لا يحسن اللغة العربية، وكذا بعض المتشددين والمتحمسين لها، من الذين يكتفون بالبكاء والشكوى من التآمر على هذه اللغة؛ بل والمبالغة في هذا التآمر لحد يجعل خطابهم قريبا من الخطاب الديماغوجي الذي تحكمه الإيديولوجية العمياء.
ودعا الحزب إلى تأهيل اللغة العربية من طرف المجامع اللغوية ومراكز تعليم اللغة والدوائر المهتمة باللغويات لتخضع لمتطلبات المعالجة الآلية للمعلوميات وتكنولوجيات الاتصال الحديثة وتطوعها، كما اقترح أيضا تسخير الآلة للتعامل مع اللغة العربية وخصائصها النحوية والدلالية عبر آليتي التوليد والاشتقاق، انطلاقا من إعداد برامج حاسوبية خاصة.
وأيضا، ضرورة إسناد أمر الحسم في الشأن اللغوي الوطني للمتخصصين في البحث اللساني دون غيرهم ممن يهتمون باللغة لأغراض غير علمية.
ويرى الحزب أن هناك ضرورة ملحّة للدفع باللغة العربية إلى مجالات العلوم الدقيقة لتتملك أدواتها الفكرية وإجراءاتها التحليلية التي من شأنها تنمية مفردات اللغة العربية وتطويرها، وإنتاج برامج ثقافية وعلمية محلية أو مترجمة إلى اللغة العربية، من أجل تنمية الثروة اللغوية لمستعملي هذه اللغة.
وأبرز الحزب أن مقترحاته السالفة الذكر، جاءت من خلال مجموعة من المنطلقات، فمن خلال الإيمان بالتعدد اللغوي في المغرب وتنوعه، يرى أنه من الضروري الابتعاد في مناقشة الوضع اللغوي الوطني عن الخلفيات الإيديولوجية، إضافة إلى استبدال استراتيجية التعريب الشامل باستراتيجية تقوم في جوهرها على تطوير اللغة العربية وتأهيلها من الداخل.
وذلك، يضيف الحزب، أن هذا المسار كفيل بأن يمنحها القوة والدعم الكافيين ليس فقط في منظومتنا التعليمية بل في سائر مناحي حياتنا العامة، بما في ذلك الكتابة بها في معاملاتنا البنكية، وأنشطتنا الاقتصادية وتواصلنا بشكل عام.
ويرى الحزب أن حماية اللغة العربية ينبغي أن تتم عبر التشريعات اللغوية الملزمة التي تشمل سالمة كتابتها ونطقها، وصيانتها من الشوائب، مردفا “ولعل مؤسسة كالمجلس الوطني للغات والثقافات يمكنها أن تضطلع بهذا الدور وتزكي التشريعات للحد من مظاهر التسيب اللغوي الذي بتنا نطالعه في أكثر من واجهة وفي أكثر من مكان، بما في ذلك برامج المقررات الدراسية، ووسائل الإعلام المسموعة والمرئية، وخطاب الإشهار داخل المؤسسات أو الأماكن العامة”.
وتابع “نحن على اقتناع بأن تدبير السلوك اللغوي في مجتمعنا المغربي لا يمكن أن يؤدي نتائجه المتوخاة ما لم يكن مندمجا في صلب النموذج التنموي الجديد والمشروع المجتمعي الذي نطمح إلى تحقيقه، والذي يقوم – أولا – على ضرورة حماية اللغات الرسمية عبر التمكين لها في المؤسسات والمجتمع برمته، ودعم مشاريع تنميتها وتأهيلها لتخوض غمار التنافس”.
وثانيا يقوم، يضيف الحزب، على ضرورة النظر إلى هذه اللغة من خلال التنوع اللغوي في المغرب، وهو تنوع يمنحها امتياز اللغة الداعمة لوحدتنا الوطنية، ويمنح اللغات الأخرى مجالا وسوقا للتداول، ويفتحها أيضا على مجالات ومعارف وقيم عديدة ومتنوعة تدعمها المدرسة ومراكز التكوين والبحث العلمي.
وأكد الحزب أنه “ما من شك اليوم في أن تقاطع – ولا نقول الصراع أو التدافع – اللغوي في بلدنا يقدم تجربة فريدة، تنتظر من الباحثين في السوسيولسانيات؛ استخلاص آثاره على موروثنا اللغوي والثقافي عموما، وكذا تبعاته وقيمته في سوق تداول أسهمه الرمزية في المجتمع. “