أكد محمد باحنيني، مستشار حزب التجمع الوطني للأحرار بمجلس المستشارين، أمس الثلاثاء خلال جلسة المساءلة الشهرية، على ضرورة النهوض بحقوق المرأة والأسرة والطفولة، مسائلا رئيس الحكومة بخصوص السياسة العامة للحكومة في مجال حماية هذه الفئات، وأيضا مرتكزات وملامح هذه السياسة العامة.
وفي تعقيبه على رد رئيس الحكومة، يضيف المستشار البرلماني، “إننا نعتبر أن المرأة ذات مكانة محورية في أي سياسة اجتماعية، ودون التغاضي عما تم تحقيقه لصالحها، والذي كان نتيجة لنضالات نساء ساهمت بشكل كبير في إصلاح وضعيتها وتكريس دورها في المجتمع”، مشيرا إلى أن الطريق لازال طويلا وشاقا أمامها من أجل المزيد من تحسين وضعها في شتى المجالات.
أما على مستوى التمكين السياسي للمرأة، يؤكد باحنيني، أنها لازالت لم تصل بعد المستوى المطلوب في هذا المجال، رغم كفاءتها، حيث لازالت تعاني من تضييق واضح عليها في جميع مؤسسات الدولة، مشيرا إلى أن هذا يظهر من خلال نسبة ضعيفة في التمثيل بالمؤسسة التشريعية التي لا تتعدى 21% وكذا نسبة 17% في الحكومة الجديدة، بالإضافة إلى عدم حضور واضح في التعيينات على مستوى المناصب العليا.
وبعد أن أشاد بنشر التقارير الصادرة عن المرصد الوطني حول ظاهرة العنف ضد النساء نظرا لما يتيحه من إحصائيات ومعطيات، علما أن هذه الظاهرة لازالت في حاجة لتظافر الجهود للقضاء عليها، والتي تجاوزت الخطوط الحمراء، عندما أصبح الجاني يوثق للجريمة في حق ضحيته بفيديو مصور، بالإضافة إلى التفنن في طرق التعذيب، متسائلا عن كيفية مواجهة هذه المعضلة، سواء من الناحية المجتمعية أو من الناحية القانونية، رغم أن الدستور وخصوصا الفصل 22 منه، يضمن السلامة الجسدية والمعنوية للأفراد، فإن الأمر يبقى رهينا بمدى تطبيق وتنزيل القانون، ومدى مواكبة الجمعيات العاملة في هذا المجال، وأيضا مدى النجاح في إنشاء مراكز خاصة للتتبع والرصد ومراكز الاستقبال للمحافظة على كرامة النساء ضحايا العنف داخل الأسرة وخارجها”.
ودعا باحنيني إلى مضاعفة الجهود لتحسين صورة المرأة في الإعلام وتوجيهه لفائدتها عوض استغلال صورتها بأشكال مختلفة تكرس الثقافة التمييزية لها، مقترحا إنتاج أفلام تاريخية تعرف بدور النساء المقاومات والمجاهدات والفاعلات عبر التاريخ، نساء ساهمن بشكل كبير في تطور ورقي المجتمع المغربي.
وأشار إلى أن فريق الأحرار يعتبر موضوع الطفولة “موضوعا متشعبا ومعقدا، إذ أصبحنا أمام مشكلة حقيقية تتنامى بشكل كبير، ألا وهي ظاهرة “أطفال الشوارع” وما يرتبط بها من ظواهر أخرى كالتسول والاستغلال الجنسي وهضم أبسط الحقوق لفئة بريئة تنتظر منا جميعا ضمان حقها في الحياة بشكل متوازن، دون خطر يتهدد أجسادهم الصغيرة، هدف يسعى له الجميع، لأن الطفل هو مستقبل المجتمع”.
وشدد المستشار البرلماني على ضرورة الاهتمام بالطفولة وبشكل ممنهج ومتناسق مع جميع المتدخلين في القطاع، وأهمها قطاع التربية الوطنية ومحاولة الحد من ظاهرة الهدر المدرسي، مشيرا في نفس الوقت إلى أن المؤسسات الاجتماعية المستقبلة لهذه الفئة، تتحمل المسؤولية في اكتساب عدد من الآفات الخطيرة كالتدخين وغيرها.
أما بالنسبة للمسنين، أشار باحنيني إلى أن عددهم أصبح اليوم يعرف تطورا متسارعا، خصوصا مع التوجه المتسارع لهرم البنية الاجتماعية في بلادنا نحو الشيخوخة في مستقبل قريب، مسائلا عن أهم الاستراتيجيات التي تعمل عليها الحكومة في هذا الإطار، مذكرا بان المغرب يعاني نقصا مهولا في جانب المساعدين الاجتماعيين، وكذا طب الشيخوخة وأيضا نقص كبير في مراكز الإيواء مع ضرورة تحسين شروط العيش فيها مع توفير أطقم طبية مؤهلة ومختصين في الترويض الطبي والنفسي.
وفي الختام، دعا مستشار “الأحرار” الحكومة إلى إعادة النظر في طريقة ومنهجية تدبير قطاع التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة، والذي يدبر القطاع على شكل دعم تصله نسبته إلى 83% من مجموع ميزانية القطاع، مشددا على أن هذا أمر غير مقبول تماما، مقترحا الاشتغال على موضوع الالتقائية وتجميع مجهود الدولة المشتت على مختلف القطاعات الحكومية، من أجل تحقيق النجاعة في تدبير مختلف السياسات العمومية المرتبطة بهذا القطاع الاستراتيجي في منظومتنا الاجتماعية.