نوه فريق التجمع الوطني للأحرار، بمجلس المستشارين، بما تحققه الصناعة المغربية وما عرفته من تطورات إيجابية منذ تولي مولاي حفيظ العلمي حقيبة هذه الوزارة الوصية على القطاع، مشيدا في نفس الوقت بمجهودات وزيرة السياحة في مواجهة تداعيات جائحة كورونا.
وجاء ذلك في تعقيب محمد البكوري، رئيس فريق الأحرار، على رد رئيس الحكومة على سؤال شفوي للفريق، أمس الثلاثاء، حول استراتيجية الحكومة للنهوض بقطاعي السياحة والصناعة في ظل تداعيات جائحة كورونا.
وفي هذا الصدد، قال البكوري إن القطاعين الصناعي والسياحي يعرفان أوضاعا غير عادية أفرزتها الجائحة، بما فيها الجانب الإيجابي، الذي جعل المغاربة قادرون على رفع التحدي، خصوصا عندما يبدعون الحلول في مواجهة مثل هذه الأزمات، مردفا “أبدعنا الكمامات وأجهزة التنفس الصناعي، إضافة إلى اعتماد منظومة دعم خففت من وطأة الجائحة على المجتمع، وهذا شيء إيجابي جدا، سيسجله التاريخ بمداد الفخر والاعتزاز لجلالة الملك محمد السادس حفظه الله”.
وأضاف البكوري أن “قطاع الصناعة عرف منذ أن تولى مولاي حفيظ العلمي تدبيره، تطورات إيجابية جدا، جعل ولله الحمد المغاربة يحسون ولأول مرة أن لهم وزارة للصناعة، من خلال فريق عمل منسجم بمعية المهنيين المغاربة ورجال الأعمال، الذين نشكرهم بالمناسبة على كل التضحيات التي يقومون بها من أجل خلق الثروة، وإبداع الحلول لتشغيل العاطلين، وخلق دورة اقتصادية تساهم في الإنتاج الوطني، وتساهم في تعزيز الناتج الداخلي الوطني، وتعزز موارد الدولة من العملة الصعبة”، مضيفا أن المخطط الصناعي ساهم في شقيه الأول والثاني، في تعزيز قدرات المغرب وإمكانياته الصناعية عبر كل المنظومات الصناعية ما جعله في مراتب متقدمة.
وتابع “بل أكثر من ذلك تجاوزنا الأرقام المسطرة، منها صناعة السيارات كأحد المهن العالمية الرائدة في العالم؛ 700 ألف مركبة غيرت معالم حظيرة السيارات الوطنية، استوعبت أكثر من 48 ألف منصب شغل، حيث أصبحت من أولى القطاعات المصدرة في بلادنا. الأرقام التي تضمنها جوابكم تشير بالملموس إلى الأهمية أو بالأحرى الدينامية الكبيرة، التي تركها القطاع في الأداء الاقتصادي الوطني”.
بالرغم من ظروف الجائحة، يضيف البكوري، استطاعت جل المنظومات الصناعية، والتي تصل إلى 54 منظومة أن تعود لها عافيتها، كما استطاع بعضها بفعل إبداع مغربي خالص أن تعيد النظر في منظومات إنتاجها؛ كالنسيج الذي يعيش صعوبات مرتبطة أساسا بالمنافسة الشرسة، رغم الجهود المبذولة، خاصة وأن الأسواق المغربية كانت مفتوحة عن آخرها، للعملاقين الصيني والأناضولي.
وفي هذا الإطار، هنأ البكوري على التدابير الجمركية الصارمة، التي جاءت بها في قانون المالية رقم 65.20 للسنة المالية 2021، في مواجهة هذا الإغراق، من خلال الرفع من الرسوم إلى أقصى مستوياتها لتشجيع المنتوجات الوطنية.
ودعا المتحدث نفسه رئيس الحكومة إلى توجيه جهوده لضمان التقائية مجهود الدولة في هذا الإطار، بحيث يجب أن ينخرط الجميع في الاشتغال على الجودة ودعم المخططات الوطنية الأخرى، التي تتقاطع مع القطاع الصناعي، وعلى رأسها مخطط آليوتيس، ومخطط الجيل الأخضر، الذي يشتغل على تأهيل العنصر البشري وعلى التسويق.
وأضاف “فالمطلوب إذن هو انخراط جميع الجماعات الترابية، والتي يجب أن تلعب دورها في تأهيل الأسواق النموذجية، وتعميم الأقطاب الصناعية، وتهيييء أحياء صناعية، خاصة بالمقاولات الصغرى والمتوسطة والصغيرة جدا، لدعم الصناعة التحويلية، على رأسها الصناعة الغذائية، خاصة وأن مخطط المغرب الأخضر أفرز لنا نتائج مهمة في الإنتاج الوافر في مختلف سلاسل الخضر والفواكه واللحوم والأسماك”.
وبالنسبة لقطاع السياحة، فقد أكّد البكوري أنه من القطاعات المتضررة كثيرا من هذه الجائحة، والتي أفرزت نتائج كارثية بكل المقاييس، والتي تبقى صادقة ومعبرة عن حجم الخسارة التي تعرض لها القطاع، مهنئا في نفس الوقت وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي، التي واجهت هذه الآثار بالحكمة المطلوبة وبالتشاور مع المهنيين.
وأشار إلى أن الوزيرة حرصت على دعم المتضررين منهم، والذين يشتغلون في القطاع، الأزمة عالمية، قارب الانخفاض فيها بنسبة 80%، وهو رقم صادم وآثاره وخيمة على القطاع، مضيفا “لكن يجب على المهنيين أن يستوعبوا الدرس في المستقبل ويشتغلوا بمنظور استباقي، أثناء الإعداد لمخططاتهم وعلى رأسها إعادة توظيف المنشآت الفنية واللوجستيكية لتجاوز مثل هذه الأزمات باعتباره قطاعا منتجا ومشغلا مسؤوليتكم ثابتة من أجل حمايته ودعمه والحفاظ عليه”.
ودعا إلى ضرورة الرهان في هذه المرحلة على السياحة الداخلية وتعبئة كل الجهود لتشجيعها، لكونها لإدخالها ضمن ثقافة المغاربة، خصوصا السياحة العائلية.
أما بخصوص الأرقام التي تضمنها جواب رئيس الحكومة، فقد أشار رئيس فريق الأحرار، إلى نسب استخدام إجراءات الدعم في إطار عقد البرنامج، فبغض النظر عن نسبة استفادة المستخدمين من تعويضات صندوق الضمان الاجتماعي، والتي تجاوزت 77%، وهو رقم له ما يبرره، بحيث أن نسبة العمال المصرح بهم كبيرة جدا، مضيفا “تؤكد بالملموس على أن الأزمة التي يعرفها القطاع واقعية وغير مسبوقة، وما سيزيد من تعقيدها هو عدم تحمس المهنيين إلى الاستفادة من الإجراءات التي قامت بها الحكومة بالنسبة للمهنيين كضمان أوكسجين، والتي لم تتجاوز نسبة الاستفادة 21%، ضمان إقلاع 12%، ضمان فندقة 11% لإقلاع المقاولات الصغرى والمتوسطة، وهو مؤشر سلبي يطرح عدة تساؤلات، منها عدم ثقة المهنيين في البرنامج أو عدم قدرتهم على السداد”.
ونوّه البكوري بمجهودات وزيرة السياحة وعلى مواكبتها المستمرة للمهنيين للحد من آثار الأزمة، على رأسها تعميم استفادة كافة المهنيين بما فيها الإعانة المباشرة، مع الحفاظ على الاستمرارية البيداغوجية، وتقوية قدرات الفاعلين المهنيين على الجودة والابتكار، والقدرة التجارية، وأيضا مواصلة الوزيرة لدعم الاستثمار السياحي بنفس الوتيرة مع تثمين المنتوج السياحي للمدن العتيقة ودعم المنتوج القروي والجبلي، وكذلك الشاطئي عبر محطة أغروض وتغازوت، وتوسيعها.
بالنسبة لقطاع النقل السياحي، فقد شدّد البكوري على أهميته لإنعاش القطاع السياحي، إذ أنه أحد أصعب الحلقات في هذا الموضوع، مشددا على ضرورة تقديم الدعم للوزيرة لأن قطاع السياحة بقدر ما هو قطاع منتج ومشغل، بقدر ما هو محتاج إلى سياسة حكومية واسعة، تتدخل فيها كل القطاعات من أجل دعمه.
وفي هذا الصدد، أكد المتحدث نفسه على ان مسؤولية رئيس الحكومة أكبر لضمان استمرارية القطاع والحفاظ على ما تحقق، مشددا على ضرورة انخراط كافة القطاعات الحكومية من أجل دعمه بكل أنشطته والاشتغال على السياحة الداخلية والجالية المغربية بالخارج من أجل تشجيعها على العودة، ودعم رحلاتها التي تبقى باهظة الثمن، خصوصا في ظروف الجائحة، كما يجب الاشتغال على مطارات المملكة.
وتابع “اليوم مطاراتنا تفتقد إلى الهوية المغربية، فلا يجوز أن تبقى مجرد بنيات حديدية، أو إسمنتية تفتقد إلى الموروث الثقافي المغربي وأصالته، لذلك يجب أن تكون معززة بمنتوجات الصناعة التقليدية، ومنتوجات الاقتصاد الاجتماعي، تعبر بجلاء عن حضارتنا وثقافتنا وتراثنا الإنساني اللامادي الزاخر، وهو ما نفترض أن تشتغل عليه مستقبلا”.