ثمن محمد بودس، المستشار البرلماني عن فريق التجمع الوطني للأحرار، ما تم تحقيقهم من منجزات وتغييرات إيجابية طرأت على قطاع التشغيل والإدماج الاقتصادي، الذي يروم تقديم خدمات موجهة لفئات وشرائح المجتمع المغربي قاطبة، والذي يعتبر عصب القطاعات الاجتماعية، معتبرا أن الشغل هو “الحافظ على كرامة الإنسان، والدافع الأكبر للاستقرار، والمحور الحقيقي للمساهمة في دوران عجلة الاقتصاد، والأكيد أن الهندسة الحكومية تروم الالتقائية والنجاعة لتحقيق مبتغى الشغل القار”، حسب تعبيره.
وأشاد، في مداخلة له باسم فريق “الأحرار” في مناقشة الميزانية الفرعية لوزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات داخل اللجنة المختصة، أمس الإثنين، بالتدابير الواردة في البرنامج الحكومي المرتبطة بمحور التشغيل أو بالأحرى الإدماج الاقتصادي، والمتمثلة في دعم وخلق مناصب الشغل، والسعي إلى ملاءمة الكفاءات مع فرص الإدماج المهني، وتكييف برامج تحسين قابلية التشغيل ودعم التشغيل المأجور، ودعم التشغيل الذاتي، ودعم أنشطة الوساطة في سوق الشغل وتقريب خدماتها من المواطنين، ووضع برامج جهوية لإنعاش التشغيل، وكذا تحسين اشتغال سوق الشغل وظروف العمل.
كما نوه بودس بتأكيد صاحب الجلالة نصره الله على ضرورة مباشرة إصلاح حقيقي على مستوى الحماية الاجتماعية، ووضع جدولة زمنية واضحة ودقيقة لهذا المشروع الوطني الكبير غير المسبوق، وإلزام الحكومة بضرورة احترام هذه الجدولة، وتحديد سقف زمني أقصاه نهاية سنة 2025، والعمل على استفادة 22 مليون مواطن من التغطية الصحية الإجبارية والتأمين الأساسي عن المرض، سواء فيما يتعلق بمصاريف التطبيب أو الاستشفاء، وتعميم التعويضات العائلية.
كما عبر عن إشادته بتخصيص الحكومة، بموجب مشروع قانون المالية 2023، لما يناهز 9,5 مليارات درهم موجهة لتحمل أعباء الاشتراك في التغطية الصحية الإجبارية بالنسبة للأشخاص غير القادرين على أداء واجبات الاشتراك، ضمانا لولوجهم للخدمات الصحية في القطاعين العام والخاص، و”هي بداية مشجعة لهذه الحكومة للوفاء بالتزاماتها، وفتح باب الانخراط أمام ما يناهز 4 ملايين من الأسر التي تعاني الهشاشة، لتنزيل نظام موحد للتأمين الإجباري الأساسي عن المرض، لفائدة كل الأسر المغربية، كيفما كانت وضعيتها الاجتماعية والاقتصادية”، حسب تعبيره.
وأفاد أن الحكومة اتخذت عدة إجراءات للتحكم في الوضع الوبائي من جهة، ودعم الفئات الهشة المتضررة من تداعيات هذه الجائحة من جهة أخرى، من خلال الحد من آثارها السلبية على الوضع الاقتصادي للبلاد، عبر مواصلة تمويل البرامج الاجتماعية في إطار صندوق دعم الحماية الاجتماعية والتماسك الاجتماعي في إطار ورش تعميم الحماية الاجتماعية، والذي ساهم فيه هذا الصندوق منذ إحداثه وإلى غاية متم شهر شتنبر 2022، بغلاف مالي يناهز 29,9 مليار درهم، لتمويل مجموعة من البرامج الاجتماعية.
على صعيد آخر، استعرض بودس مجموعة من المطالب والمقترحات للنهوض بقطاع التشغيل والإدماج الاقتصادي، والتي اقترحها فريق “الأحرار”، على رأسها معالجة الورش الاجتماعي والحماية الاجتماعية في سياق هادئ وبالتشاور مع مختلف الشركاء الأساسيين في العملية، مع الترفع عن المزايدات فيه، أو محاولة تسييسه بدواعي الاختلالات التدبيرية وهدم مكتسبات العمل التعاضدي الذي تحقق في بلادنا.
وأكد أن المنطق الذي يجب الاشتغال به لتفادي التوتر والاحتقان هو الترفع عن الحسابات السياسية عند بدء الإصلاح، لذلك “نؤكد أن هذا الورش يعد تحديا أساسيا يؤرق بال الشغيلة المغربية التي تشتغل في الاقتصاد غير المهيكل، لذلك لابد من معالجة فورية لكل الاختلالات المرتبطة بالقطب الاجتماعي، عبر الإسراع في إصلاح البرامج الاجتماعية الحالية، وتجميع مجهود الدولة المشتت، على أمل ان يكون السجل الاجتماعي الموحد ضامنا للاستهداف الفعال للفئات المستحقة للدعم وحصرها” وفق بودس.
“إننا في فريق التجمع الوطني للأحرار نرى أنه من الضروري إعادة النظر في المرسوم المنظم للعاملين في الإنعاش الوطني، لأن منهم حاملي شواهد عليا، ولم تتم لحد الساعة تسوية وضعيتهم، ونفي المعاناة يعاني منها العاملون والعاملات بالنوادي النسوية الذين لا يتوفرون على الحد الأدنى للأجور”، كما اورد المستشار البرلماني.
كما يتعين على الوزارة، حسب بودس، تفعيل دور المرصد الوطني للشغل، وجعله في متناول الشباب والباحثين عن الشغل، والاعتماد على القطاعات الأساسية في توفير فرص الشغل، مع ضرورة تظافر جهود جميع المتدخلين من أجل النهوض بقطاع التشغيل بإغناء عروض “الأنابيك”، لتحقيق المبتغى من وراء إنشائها الذي يتحدد في الوساطة، كما طالب ببذل مزيد من الجهود لاستهداف المناطق القروية والنائية، لأنها تحتوي على نسب عالية من البطالة.
ودعا إلى ضرورة إخضاع مدونة الشغل لمراجعة شاملة من أجل تحسين النصوص، وذلك لصعوبة تنزيل قانون العمال المنزليين على أرض الواقع، نظرا لصعوبة تفتيش أماكن العمل، وكذا بسبب إشكالية استمرار إهمال النساء والشباب ذوي الاحتياجات الخاصة في الحصول على شغل يناسب قدراتهم.
وطالب بودس بالاهتمام بجهاز مفتشي الشغل، مؤكدا على أن عدد المناصب المخصصة لمفتشي الشغل، والتي تصل إلى 303 مفتشا ممارسا، قليلة جدا مقارنة مع حجم الخصاص والتحديات التي طرحتها مدونة الشغل وأوراش الإصلاح المفتوحة في هذا الباب، مبرزا أن ضعف هذا الجهاز يتسبب في عدم التصريح بالعمال من طرف المقاولات وهو ما يؤدي إلى هضم الحقوق الخاصة بالعمال.
وجدد دعوة فريق “الأحرار” إلى تفعيل دور مفتشي الشغل، الذين يعانون إكراهات ومعيقات سواء على المستوى المحدود بالمقارنة مع المقاولات العامة وحجم البنيات الاقتصادية، بالإضافة إلى الخصاص الكبير في وسائل العمل والتجهيزات، التي من شأنها تسهيل عملية التفتيش، كما أكد على ضرورة حماية مفتشي الشغل أثناء مزاولة عملهم من طرف الوزارة الوصية وتنصيب محامين للدفاع عنهم أثناء تعرضهم لشكايات كيدية نتجت عنها في الغالب متابعات قضائية بسبب حرصهم على تطبيق القانون.
هذا وطالب المستشار البرلماني بتشجيع مختلف صيغ التشغيل الذاتي، ووضع إطار قانوني جديد لتحفيز الشغل الذاتي الفردي، وتمكينه من الدعم العمومي مركزيا، جهويا، ومحليا، مع تطوير منظومة الاحتضان الكفيلة برعاية مشاريع التشغيل الذاتي، في السنوات الأولى لانطلاقها، وإشراك القطاع الخاص في إعداد وتنفيذ وتقيين مناهج وبرامج التكوين المستمر من أجل الرفع من الكفاءات وتوجيه أفضل للمؤهلات حسب السن والمستوى الدراسي، على ضوء متطلبات سوق الشغل.
وأكد أن الرهان الكبير الملقى على عاتق المغرب اليوم، لمواجهة تداعيات جائحة كورونا، هو إحداث مناصب شغل كافية لاستيعاب آلاف الأشخاص الذين فقدوا مصدر رزقهم بسبب هذه الجائحة، وهي مهمة “يجب أن تلعب فيها وزارة الشغل والإدماج المهني دورا محوريا خاصة على مستوى النهوض ببرامج التشغيل الذاتي ومواكبة المقاولين الشباب ودعم الشركات والمقاولات”، حسبه.
ويرى بودس أن تنزيل المخطط الوطني للتشغيل وإطلاق البرامج الجهوية للتشغيل والإدماج الاقتصادي للشباب يشكل خطوات واعدة بالنسبة للتشغيل، “يعني أن التشغيل ببلادنا مسؤولية الحكومة التي ينبغي لها إدماج مختلف السياسات المرتبطة بهذا القطاع في استراتيجية وطنية أوسع نطاقا، وتكملتها بإطار لسياسات داعمة لجهود خلق فرص العمل، وهذا ما اسفرته فلسفة هندسة هذا القطاع، كما يجب العمل على خلق تهيئة بيئية داعمة، حتى يتسنى لمنشأة الأعمال أن تنمو وتخلق فرص العمل”، كما يقول.
ونظرا للمجهود الكبير الذي تلعبه الوزارة، كما صرح بودس باسم فريق التجمع الوطني للأحرار، رغم ضعف الإمكانيات وكثرة المتدخلين وتشعب الإشكاليات، أكد أن الفريق سيصوت بالإيجاب على الميزانية الفرعية لقطاع الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات.