أكد فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس المستشارين، على أن الرهان الحقيقي لتجاوز أثار موجة البرد القارس بالعالم القروي والمناطق الجبلية يكمن أساسا في تنميتها.
ونوّه مولاي مصطفى العلوي الإسماعيلي، المستشار البرلماني عن فريق “الأحرار”، أمس الإثنين، في تعقيبه على جواب وزير الداخلية عن سؤال شفوي حول التدابير الاستباقية لمواجهة البرد القارس والتساقطات الثلجية بالعالم القروي والمناطق الجبلية، باسم الفريق بالعمل الجبار الذي تقوم به الإدارة الترابية لمواجهة موجات البرد القارس، خاصة بالمناطق القروية والجبلية، بالرغم من هذه الظرفية الوبائية الصعبة، المرتبطة بجائحة كورونا، منوها كذلك بالأدوار التي تقوم بها جمعيات المجتمع المدني.
وأضاف المتحدث نفسه أنه في مثل هذه الفترة من فصل الشتاء تتضاعف حاجيات ساكنة هذه المناطق للخدمات الضرورية من قبيل تأمين الطرق والموارد الأساسية والخدمات الطبية وأعلاف الماشية ومواد التدفئة، ناهيك عن ضمان استمرار دراسة تلميذات وتلاميذ تلك المناطق.
وتابع: “فبالرغم من كل المجهودات المبذولة التي تقومون بها كإدارة ترابية بمعية كافة المتدخلين وعلى رأسهم صندوق التنمية القروية في فك العزلة وتعميم الماء والكهرباء، تبقى ظروف العيش الصعبة، هي الطاغية في هذه المناطق، التي لا زالت تنتظر مجهودا مضاعفا لتنميتها، نموذج الجنوب الشرقي، وبعض المناطق في جهة طنجة تطوان الحسيمة، وجهة فاس مكناس، تقتضي تقريب مختلف الخدمات، خصوصا الطبية منها إلى الساكنة الجبلية، والتي أصبحت أمرا ضروريا”.
وفي هذا الإطار، نوّه المستشار البرلماني باسم فريق “الأحرار” بمبادرات جلالة الملك، الإنسانية بإقامة مستشفيات ميدانية عسكرية، في هذه الجهات على مر السنوات الأخيرة وتزويد الساكنة التي تعزلها الثلوج بكل ما تحتاج من أغطية مواد التدفئة والمواد الغذائية الضرورية لها، حتى تمر أيام البرد القارس الصعبة، في تلك المناطق التي تعرف نسبة هشاشة كبيرة، مضيفا “لذلك لابد من مضاعفة الجهود من أجل فك العزلة على هاته المناطق والتوجه إلى إقرار التنمية فيها، خصوصا وأنها تتوفر على مؤهلات طبيعية تجعل منها أقطابا سياحية عالمية ذات جاذبية كبيرة”.
وشدد على أن الرهان الحقيقي لتجاوز أثار موجة البرد القارس بالعالم القروي والمناطق الجبلية يكمن أساسا في تنميتها عبر استثمار مؤهلاتها الطبيعية والبشرية من خلال تنزيل برامج وفق ما تضمنه تقرير النموذج التنموي الجديد الذي يسعى إلى إقرار التوازن المجالي بين الجهات، وعلى رأسها مشاريع فك العزلة عنها وخلق بنية تحتية خاصة فيما يتعلق بصيانة وتأهيل المسالك الطرقية من أجل ضمان حركية أفضل من وإلى تلك المناطق خاصة وان الساكنة تتوزع على أماكن متباعدة تعرف تضاريس صعبة.
وبالنسبة للإجراءات الاستباقية المعتمدة في هذا الصدد، يضيف العلوي الإسماعيلي، أنه لا يكفي فقط التركيز على تأمين الطرق الرئيسية أو تلك التي تعرف حركية كبيرة بل يجب التركيز أيضا على المسالك الطرقية الثانوية المؤدية إلى القرى والتجمعات السكنية الجبلية، مردفا: “كما يجب العمل على خلق بنيات صحية قارة تضمن خدمات طبية أساسية وتتوفر على أطر طبية وتمريضية كافية للاستجابة لمتطلبات ساكنة العالم القروي والمناطق الجبلية خاصة في ظل الظرفية الوبائية الحالية بما سيمكن من تقريب الخدمات الطبية الأساسية من قبيل العلاجات الأولية خاصة لفائدة المسنين والأطفال والنساء الحوامل”.
وأيضا، يضيف المستشار البرلماني، تمكين فئة عريضة من ساكنة تلك المناطق من التطعيم ضد فيروس كورونا وضد الانفلونزا الموسمية بالإضافة إلى ضمان مخزون كافي من الأدوية بصيدليات المستوصفات والمستشفيات الإقليمية، ناهيك عن تمكين التلاميذ من مواصلة دراستهم وتفادي الانقطاع المتكرر للدراسة عبر توفير خدمات النقل المدرسي ومواد التدفئة بالمدارس وتحسين الخدمات التي تقدمها دور الطالب والطالبة والداخليات بالمؤسسات التعليمية وخاصة فيما يتعلق بالإيواء والإطعام المدرسي، كما يجب العمل على تقوية بنية الاتصال والتواصل والحيلولة دون انقطاعها.
وبعد أن ذكّر بالدور المهم للمجتمع المدني التطوعي والتضامني في تعزيز جهود وتدخلات الإدارة الترابية للتخفيف من أثار موجة البرد وفك العزلة عن المناطق المعنية، أكد العلوي الإسماعيلي على ضرورة على تسهيل مهام الجمعيات العاملة في هذا الإطار، ومواكبتها ماديا ومعنويا بالنظر لأهمية المبادرات التي تقوم بها في سبيل التخفيف من معاناة ساكنة القرى والمناطق الجبلية وتحفيز تلك الجمعيات للقيام على وجه الخصوص بحملات طبية متخصصة، وحملات تحسيسية وتواصلية استباقية لفائدة الساكنة مما سيمكن من اتخاذ كل ما يلزم من الاحتياطات الاحترازية، لتفادي كل المخاطر التي قد تنتج عن التقلبات المناخية.
وفي الختام خلص المستشار البرلماني إلى القول: “إن البعد الجغرافي للمناطق القروية والجبلية والنقص الذي تعاني منه على مستوى الولوج إلى الخدمات الضرورية يفاقمان من حدة الظروف المناخية بها، مما يتطلب مجهودا تنمويا استثنائيا يرمي إلى تقوية البنى التحتية للقرى والتجمعات السكنية الجبلية، خاصة على مستوى الطرق والمسالك والمرافق الصحية والسوسيواجتماعية تحقيقا لمبدأ العدالة المجالية”.