أفاد عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، اليوم الثلاثاء بمجلس المستشارين، أن الحكومة على وعي تام بأهمية تكريس الحكامة المالية وبآثارها الاقتصادية والاجتماعية، وفق مقاربة تراعي تعزيز كفاءة التدبير الميزانياتي وإضفاء المزيد من الشفافية على منظومة المالية العمومية، مضيفا “فمنذ بداية الولاية الحكومية، حرصنا على إقرار جيل طموح من الميزانيات-البرامج، وفق مقاربات مندمجة ترتكز على منطق النتائج”.
وأكد أخنوش خلال الجلسة الشهرية بمجلس المستشارين، التي خصصت لموضوع تطور المؤشرات الاقتصادية والمالية للمملكة وتعزيز مكانتها الدولية، أن هذه النتائج لمسها الجميع في تنفيذ المشاريع المهيكلة، وعلى رأسها ورش تعميم الحماية الاجتماعية، الذي استفاد من المراجعة الحكومية العميقة لمختلف برامج الدعم الاجتماعي السابقة التي كان يعتريها التشتت وعدم التجانس، لاسيما من خلال تجميع الموارد المرصودة وإعادة توجيهها بشكل معقلن وتأهيل منظومة الاستهداف الاجتماعي للأسر المعنية.
وأبرز أن هذا المسار الجديد من العمل الاجتماعي الذي يعكس مصداقية الالتزامات الحكومية، ستتضح ملامحه من خلال مأسسة آليات الحوار الاجتماعي، الذي أسفرت مختلف جولاته عن دعم الطبقة الشغيلة والحفاظ على قدرتها الشرائية، عبر مخصصات مالية تجاوزت 45 مليار درهم.
فضلا عن ذلك، يضيف أخنوش، “فإن الحكامة التي كرسها العمل الحكومي كان لها وقع بالغ في تأهيل قطاعات التربية والتكوين والصحة، سواء من خلال الرفع التدريجي لميزانياتها، أو عبر إعادة هيكلتها وفق مخططات تروم الرفع من جودة التكوين وتحسين الخدمات الاستشفائية، مع توزيعها بشكل يضمن العدالة المجالية”.
وتابع “نفس الرؤية الحكومية، أثبتت نجاعتها فيما يتعلق بالقطاعات الاستراتيجية، التي أصبحت عنوانا رئيسيا لنجاح الاقتصاد الوطني ودعامة لمختلف تحولاته، مما سيمنحه مزيدا من المرونة والتنافسية والاستدامة، لاسيما في قطاعات الأمن المائي والغذائي والصناعة الوطنية”.
وشدد أخنوش على أنه على الرغم من الضغوطات العديدة التي مست منظومة تمويل السياسات في مختلف بلدان العالم، “ستكون سنة 2025 ببلادنا سنة للطموح والاستمرارية، نسعى من خلالها تحصين النتائج المشرفة التي تحققت خلال السنوات الماضية، ومواصلة الجهود للحفاظ على استدامة ماليتنا العمومية”، مبرزا أن الحكومة اتخذت تدابير استثنائية للحفاظ على وتيرة تنفيذ المشاريع الكبرى، من خلال تعبئة مخصصات الاستثمار العمومي وفق خط تصاعدي، والتي بلغت ما يناهز 340 مليار درهم خلال السنة الجارية.
وأشار رئيس الحكومة إلى أن هذا المنحى الإيجابي تأكدت فعاليته الاقتصادية من خلال التحكم في معدلات التضخم بل وتسجيل تراجعها التدريجي إلى أقل من 1% خلال السنة الماضية بعدما تجاوزت نسبته 6% خلال سنتي 2022 و2023، وذلك بفضل الإجراءات الموجهة لدعم الأسعار والمدخلات الفلاحية.
ورغم الظروف المناخية الصعبة، يضيف أخنوش، فإن الدينامية الجيدة التي تعرفها الأنشطة غير الفلاحية مكنت من تطوير ناتجها الخام بنسبة 5,4% في الفصل الثالث من السنة الماضية عوض3,2% خلال سنة 2023، وساهمت في تحقيق معدل نمو بلغ 4,3% مع نهاية الفصل الثالث لسنة 2024، عوض 3% خلال نفس الفترة من سنة 2023. ومن المتوقع أن يعرف الاقتصاد الوطني انتعاشة ملحوظة مع بداية 2025.
وفي السياق نفسه، ذكّر أخنوش بتسجيل وتيرة القيمة المضافة للقطاع الثانوي ارتفاعا مهما بنسبة 7,6% خلال الفصل الثالث من سنة 2024 عوض 1,1% خلال نفس الفترة من 2023، خصوصا في القطاعات المصدرة والصناعات التحويلية وقطاع الأشغال العمومية، فضلا عن تحقيق أرقام قياسية في قطاع الخدمات، حيث قفز عدد السياح إلى رقم قياسي جديد ليناهز 17,4 مليون سائح، بارتفاع قدره 35% مقارنة بسنة 2019، وبمداخيل إجمالية تجاوزت 112 مليار درهم بارتفاع قدره 7,5% مقارنة بسنة 2023، مضيفا أن هذا يعكس فعالية خارطة الطريق السياحية ويكرس تموقع المغرب كأول وجهة سياحية في إفريقيا.
وأبرز كذلك أن حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي حققت ارتفاعا ملحوظا، بلغ 43,2 مليار درهم في متم سنة 2024، بزيادة قدرها 24,7% مقارنة بسنة 2023، إضافة إلى التدفقات الإيجابية لتحويلات المغاربة المقيمين بالخارج، التي ناهزت 117,7 مليار درهم عند نهاية سنة 2024، عوض 115,3 مليار درهم خلال سنة 2023، مضيفا أن الصادرات الوطنية دينامية غير مسبوقة، مسجلة بذلك 455 مليار درهم مع نهاية دجنبر الماضي، بنسبة ارتفاع تقدر ب 5,8% مقارنة بسنة 2023
وسجل أخنوش على أنها مؤشرات نوعية مكنت من تقليص عجز الميزانية الذي استقر مع نهاية السنة الماضية (وبدون خوصصة) في أقل من 3,9%، وفق مسار تنازلي بعدما سجل %4.4 خلال سنة 2023، و5.2% خلال سنة 2022 و7.1% خلال سنة 2020، معربا عن طموح الحكومة لتقليص عجز الميزانية إلى 3.5% خلال السنة الجارية، ومواصلة المجهودات لضبط العجز في حدود 3% خلال السنة المقبلة.
وأضاف “هذه الأرقام المشجعة كانت مدعومة بالتحسن الذي شهدته الموارد العادية التي ارتفعت بأزيد من 49 مليار درهم لتستقر عند 372,6 مليار درهم سنة 2024 أي بنسبة 15,2% مقارنة بسنة 2023، لاسيما المداخيل الضريبية التي حققت ارتفاعا بـ 37,6 مليار درهم، بنسبة 14,3% مقارنة بسنة “2023.
وزاد قائلا “ولعل الأصداء الطيبة الصادرة عن تقارير المؤسسات الدولية، لخير دليل على ذلك، حيث أن التطور التدريجي لطرق صرف المال العام وضبط التوازنات الماكرو-اقتصادية ببلادنا أصبح أمرا واقعا، بل ومؤشرا مميزا لليقظة الاستراتيجية لماليتنا العمومية”.
وخلص في هذا الصدد إلى الإشارة أشار إلى التقييم الأخير لمنظومة تدبير المالية العمومية في إطار آلية “الإنفاق العام والمساءلة المالية PEFA”، الذي أبرز في شتنبر الماضي التطورات المهمة التي سجلها المغرب في هذا المجال”.