أكد عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، اليوم الثلاثاء بمجلس المستشارين، أن الحكومة أولت أهمية خاصة لتطوير الصناعة المغربية، وتعزيز مكانتها الوطنية والدولية، كون القطاع أحد أبرز محركات الاقتصاد الوطني، سواء من حيث خلق القيمة المضافة أو خلق فرص الشغل.
وأوضح أخنوش في الجلسة العمومية المخصصة لتقديم الأجوبة عن الأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة من قبل رئيس الحكومة، حول موضوع: “السياسة الوطنية للتصنيع”، أنه في إطار تطوير الاستثمار المحدث لفرص الشغل، خاصة في مرحلة ما بعد كوفيد-19، قامت الحكومة ببلورة برنامج “بنك المشاريع”، الهادف إلى تنويع الاقتصاد الوطني وتعزيز الإنتاج المحلي في المجال الصناعي، وذلك من خلال استهداف إنتاج صناعي محلي لتعويض الواردات.
ومنذ إطلاق العملية الأولى لهذا البرنامج، يضيف رئيس الحكومة، تم تحديد 1.864 مشروعا استثماريا في مختلف جهات المملكة، والتي تمثل فرصا حقيقية للاستثمار ولاستبدال الواردات بالمنتجات المحلية، باستثمار إجمالي متوقع قدره 119 مليار درهم. وستمكن هذه المشاريع من خلق أكثر من 181.000 منصب شغل مباشر.
وأكد رئيس الحكومة، أنه تم إلى حدود الساعة التوقيع على 654 مشروعا، باستثمارات تصل إلى 78 مليار درهم، ستمكن من خلق أزيد من 89.000 منصب شغل.
وأضاف أنه تمت معالجة 2.012 مشروعا صناعيا في مختلف القطاعات الصناعية من طرف اللجان الجهوية الموحدة للاستثمار، خلال هذه الولاية الحكومية، باستثمار يفوق 800 مليار درهم، ستمكن من خلق فرص شغل مباشرة تفوق 275.000 منصب.
وإيمانا منا بأهمية مناطق التسريع الصناعي والمناطق الصناعية، يضيف أخنوش، حرصت الحكومة على بلورة عرض عقاري يسمح بتحفيز الاستثمار وضمان توزيع مجالي أفضل لخلق الثروة وفرص الشغل القارة، مشيرا إلى أنه تم في هذا الإطار، تم التوقيع على 30 اتفاقية متعلقة بالبنية التحتية الصناعية بقيمة استثمارية قيمتها 7.5 مليار درهم.
وأضاف “وإجمالا منذ أكتوبر 2021 تم إطلاق 32 مشروع متعلق بإنشاء وتوسيع مناطق التسريع الصناعي ومناطق الأنشطة الاقتصادية حيث ستمكن هذه المشاريع من توفير عرض عقاري صناعي إضافي يبلغ 3705 هكتار أي ما يمثل 30 في المائة من المساحة الإجمالية الحالية وذلك خلال الثلاث سنوات الأولى من الولاية التشريعية”.
وأبرز أن الحكومة عملت على إحداث وتوسيع وتأهيل حوالي 22 منطقة جديدة للتسريع الصناعي بـ 8 جهات، على مساحة تقدر بـ 1.400 هكتار، مضيفا أنه تم بشكل رسمي الشروع في الإطلاق التدريجي للمدينة الذكية محمد السادس “طنجة تيك”، التي تمثل نموذجا مشرقا للشراكة والتعاون بين المغرب والصين، وقيمة مضافة للصناعة الوطنية، باعتبارها مدينة صناعية مستدامة ومتكاملة ستساهم لا محالة في تسريع اقلاع الأنشطة الاقتصادية بطنجة، وشمال المملكة برمتها.
وعلى صعيد آخر، أبرز أخنوش أنه تم إحداث منطقتين صناعيتين للدفاع بهدف استقطاب مشاريع استثمارية في الصناعات المتعلقة بالأسلحة والذخيرة ومعدات الدفاع والأمن، مما يمثل خطوة مهمة نحو بناء قاعدة صناعية عسكرية وطنية قوية، تساهم تدريجيا في تعزيز الاستقلالية الاستراتيجية الدفاعية للمغرب.
وذكّر رئيس الحكومة أيضا، بتعزيز الترسانة القانونية المرتبطة بتهيئة وتدبير وتثمين المناطق الصناعية بغرض تحسين جودتها ومحاربة ظاهرة المضاربة العقارية، إضافة إلى وضع منصة إلكترونية أمام المستثمرين المغاربة والأجانب للتعريف بمختلف العروض العقارية المخصصة للاستثمار الصناعي.
علاوة على ذلك، أكد أخنوش أن الحكومة منذ تنصيبها كانت على وعي تام بضرورة جعل القطاع الصناعي مجهود حكومة بأكملها، وليس مجهود قطاع وزاري لوحده كما كان في السابق، مضيفا “لذلك حرصنا على إخراج الميثاق الجديد للاستثمار، بعد سنوات من التردد والتعثر”.
ومن شأن هذا الميثاق، يضيف أخنوش، أن يكون آلية أساسية لتعزيز التنافسية الصناعية، وذلك من خلال تطوير البنية القانونية والتنظيمية لتحفيز المستثمرين المحليين والأجانب، لتوجيه استثماراتهم نحو القطاعات ذات الأولوية ومن ضمنها القطاع الصناعي.
وذكّر بأن هذا الميثاق الجديد، الذي دخل حيز التنفيذ مع متم سنة 2022، يشمل عدة إجراءات تحفيزية تهدف إلى تحسين مناخ الأعمال وجعل القطاع الصناعي أكثر جاذبية، وذلك من خلال تقديم حوافز مالية وترابية تُسْهِمُ في تخفيض التكاليف على المستثمرين، مبرزا أن الحكومة تسعى من خلاله إلى خلق عدالة مجالية في توزيع الاستثمارات، حتى تستفيد مختلف الأقاليم من المجهود الاستثماري الصناعي الذي تقوم به الدولة.
وأشار إلى أن الميثاق الجديد الذي يعتبر ذو أهمية حاسمة بالنسبة للاقتصاد المغربي، يولي أهمية كبيرة لتشجيع الابتكار والتكنولوجيا المتقدمة في الصناعات التحويلية، إذ يحفز الاستثمار في القطاعات التي تشكل المهن المستقبلية للمغرب مثل الصناعات الإلكترونية، والسيارات، والطيران، ويشجع على الاستثمار في القطاعات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي والطاقات المتجددة والهيدروجين الأخضر والبيوتيكنولوجيا.
27. “وقد مكنت الدينامية التي أحدثها الميثاق الجديد من تطوير أداء اللجنة الوطنية للاستثمارات. حيث تضاعف إجمالي رساميل الاستغلال للمشاريع الصناعية المصادق عليها عشر مرات خلال الفترة من ماي 2023 إلى نونبر 2024 (140 مليار درهم – الصيغة الجديدة)، مقارنة بنفس المدة الزمنية من أكتوبر 2021 إلى أبريل 2023 (13 مليار درهم – الصيغة القديمة قبل الميثاق)”، على حد قول رئيس الحكومة.
وبهذه المناسبة، ذكّر أخنوش كذلك بمجهودات الحكومة لتوفير كل عوامل نجاح منظومة الاستثمار ببلادنا، بما فيها الاستثمار الصناعي، مؤكدا أن الحكومة عملت على تبسيط 22 قرارا إداريا يهم الاستثمار، خصوصا من خلال رقمنتها عبر المنصة الإلكترونية “CRI-invest” وتقليص 45% من الوثائق المطلوبة.
وتابع: “كما أخذت الحكومة على عاتقها ضمن هذا المنظور الإصلاحي تفعيل تصور جديد للمراكز الجهوية للاستثمار، يقوم على تعزيز دورها وتمكينها من تبسيط مساطر الاستثمار وإعداد الاتفاقيات المتعلقة بها، وتعزيز تتبعها للمشاريع الاستثمارية”.
وتحقيقا للتفاعل السريع والاستجابة الفورية لطلبات المستثمرين، يضيف أخنوش، تقرر تفويض البث في ملفات الاستثمار المتراوحة قيمتها ما بين 50 و250 مليون درهم إلى المستوى الجهوي، بعدما تم تمكين اللجان الجهوية الموحدة للاستثمار من مختلف الآليات للتسريع بالمصادقة على ملفات ومشاريع الاستثمار في آجال معقولة.
وإيمانا منها بأهمية مواكبة المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، بما فيها المقاولات الصناعية الصغرى، أبرز أخنوش أن الحكومة تعمل على استكمال الإطار القانوني الخاص بتفعيل نظام دعم الاستثمار الموجه لهذه الفئة الحيوية من النسيج الاقتصادي الوطني، والتي تعد محركا أساسيا لدينامية التشغيل.
وشدّد أخنوش على أن الحكومة ستواصل مجهوداتها في هذا السياق، للتعريف بالمؤهلات الاستثمارية للمغرب على الصعيد العالمي، وخاصة بالعمل على تعزيز دور المغاربة المقيمين بالخارج، اللذين نطمح إلى أن يشكلوا، من خلال استثماراتهم وخبراتهم، قاطرة لتنمية القطاع الصناعي بالمغرب.