قال عزيز أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، اليوم الاثنين بأكادير، خلال فعاليات الاحتفال باليوم العالمي لشجرة الأركان، إن يوم الثالث من مارس 2021 سيبقى راسخا في التاريخ. مضيفا “ففي هذا اليوم، وبمبادرة من المملكة المغربية، تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، وبالتوافق، القرار الذي يعلن 10 ماي يوما عالميا للأركان، كشجرة ألفية، متوطنة ورمزية بالمغرب”.
هذا التكريس الدولي، يضيف أخنوش، الحامل لرمزية قوية للتضامن، سيساهم في تحقيق الحفاظ والاستغلال المستدام للتنوع البيولوجي وللتنمية الاجتماعية والاقتصادية للساكنة القروية المحلية، مضيفا أنه يشهد كذلك بقوة على أهمية شجرة الأركان كموروث دولي، ويأتي كتتويج لمجهودات المملكة، طبقا للتوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، في مجال حماية وتثمين هذه الشجرة.
وأوضح الوزير أن هذه السلسلة المتجذرة منذ القدم في الرصيد الثقافي والفلاحي للمملكة، تستمد أهميتها كذلك من خلال اعتراف منظمة اليونسكو بالمجال الحيوي للأركان، سنة 1998، وبالممارسات والمعارف المتعلقة بالأركان، كتراث ثقافي لامادي، سنة 2014
وكذلك، اعتراف منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة بالمنظومة الفلاحية الرعوية التي تتأسس على زراعة شجر الأركان بالمغرب، كنظام عبقري للتراث الفلاحي العالمي، سنة 2018.
وأضاف أن شجرة الأركان حملت ولا تزال، على عاتقها، مهمة تجسيد حضارة وثرات إنساني فريد بأراضي الجنوب المغربي، مبرزة لحد اليوم قيم التقاليد والحداثة، فبمتوسط عمر يناهز ما بين 150 إلى 200 سنة، تمكنت هذه الشجرة المتميزة، من مقاومة التغيرات المناخية منذ العصر الجيولوجي الثالث حتى يومنا هذا، وذلك بفضل انفرادها بخصائص طبيعية مميزة، وتحملها الفائق للجفاف، حيث تقاوم هذه الشجرة، بفضل جذورها التي تتمكن من التوغل حتى 30 مترا بحثا عن الماء، بشدة الحرارة التي يمكنها الوصول حتى 50 درجة مائوية.
وأكد أن الكتابات التاريخية التي يعود تاريخها إلى القرن 12 للعالم النباتي الأندلسي ابن البيطار، تثبت قدم تجدر شجرة الأركان بالمغرب، حيث شكلت طبيعة مناطق الجنوب المغربي، كرمز للحياة، وكمثال حي لتعايش مثالي بين الإنسان ومحيطه الطبيعي.
وأشار أخنوش إلى أن هذا التكامل الفريد ما بين الإنسان والطبيعة في هذه الربوع، يستمد قوته من قدرة شجرة الأركان على تقديم كل جزء منها لخدمة المعيش اليومي للساكنة، فينتج خشبها فحما ذا جودة ممتازة، كما كان يستعمل في القدم لصناعة الأدوات الفلاحية أو لبناء الإطارات وإنجاز شبكات السقي، وأيضا تستعمل أوراقها ولب ثمارها كعلف للماشية، بالإضافة إلى أن جوز الأركان يحتوي على اللوز الذي يستخرج منه الزيت، المعروفة بفضائلها الغذائية والطبية والتجميلية، المثبتة علميا. أما كعكة الزيت، فتستعمل كغذاء للحيوانات.
وتابع: “فبتلاؤمه التام مع المناخ وتربة المنطقة، يشكل هذا الغطاء النباتي الغابوي والفلاحي والعلفي جزءا من حياة الإنسان والحيوان وباقي النباتات، دون إغفال دوره كعامل لخصوبة التربة الفلاحية ومكافحة التعرية والتصحر اللذين يهددان بشكل كبير مناطق الجنوب المغربي”، مشددا على ضرورة الحفاظ عليه، وأيضا حمايته من الاستغلال المفرط وعلى وجه الخصوص قطع الأشجار.
أما على مستوة المجهودات المبذولة لحماية وتنمية الأركان، فقد أكد أخنوش على أنه الوعي بهذه التحديات، وتطبيقا للتعليمات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، تجسدت هذه الإرادة القوية لإنقاذ وتنمية هذا الرصيد التراثي، من خلال إحداث الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الاركان سنة 2010.
ويتعلق الأمر، يضيف أخنوش، بمؤسسة تعنى بالحفاظ على المنظومات الإيكولوجية الطبيعية الهشة والتنوع البيولوجي، كما تتكلف بتنفيذ برامج للتنمية مندمجة لفائدة ساكنة هذه المناطق.
ونظرا للأهمية التي يكتسيها شجر الأركان، ذكر أخنوش بأنه تم التوقيع على عقد-برنامج مع الفيدرالية البيمهنية لسلسلة الأركان للفترة الممتدة بين 2011 و2020 وذلك لتطوير مختلف حلقات الإنتاج لهذه السلسلة، مشيرا إلى أنه فيما يخص برنامج تأهيل مجال الأركان الطبيعي، تم سنة 2013، وأمام أنظار صاحب الجلالة نصره الله، التوقيع على اتفاقية شراكة لتأهيل 200.000 هكتار، حيث بذلت مجهودات مهمة في هذا الإطار، إذ تم تأهيل ما يفوق 164.500 هكتار بغلاف مالي يبلغ 50 مليون دولار.
وعلاوة على إنقاذ شجرة الأركان الطبيعي، كنبات غابوي في الأصل، أشار إلى ان وزارة الفلاحة أطلقت برنامجا طموحا للأركان الفلاحي كزراعة مثمرة زيتية، إذ تم العمل على برنامج لغرس 10.000 هكتار من الأركان الفلاحي سنة 2018 بغلاف مالي قدره 49 مليون دولار، مول منها، مشكورا، الصندوق الأخضر للمناخ 39 مليون دولار.
وأكد أخنوش أنه تم غرس ما يقارب 6.000 هكتار من شجر الأركان الفلاحي إلى اليوم، والبقية في طور الانجاز. كما أنهه من المنتظر أن يستفيد 26.000 شخص من هذا البرنامج الذي من المتوقع أن يحدث 800.000 يوم عمل، وأن يمكن من مضاعفة المردودية إلى 6 أطنان من الفاكهة في سنة مرتفعة الإنتاج.
ولمواكبة زراعة الأركان، أوضح الوزير أنه تم إرساء العديد من التحفيزات المالية من خلال صندوق التنمية الفلاحية، مشيرا إلى أنه من المتوقع إنجاز مشاريع تنموية أخرى في إطار استراتيجية “الجيل الأخضر” التي تفضل بإعطاء انطلاقتها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وايده. ويتعلق الأمر ببلوغ هدف تراكمي يقدر ب 400.000 هكتار لإعادة تأهيل شجر الأركان ومتابعة تنمية زراعة الأركان الفلاحي لبلوغ مساحة 50.000 هكتار، في أفق 2030.